السنة السادسة من سلطنة الملك الظاهر خشقدم على مصر وهى سنة سبعين وثمانمائة.
فيها توفّى الأمير زين الدين «١» قراجا بن عبد الله العمرى الناصرى أحد أمراء الألوف بدمشق بها في المحرم، وقد ناهز الثمانين من العمر، وهو من مماليك الناصر فرج بن برقوق، وطالت أيامه في الجندية إلى أن استقرّ به الملك الظاهر جقمق والى القاهرة، ثم تنقّل بعد ذلك في عدّة ولايات إلى أن صار أحد أمراء الألوف بدمشق، إلى أن مات في هذه السنة، وكان من المهملين المسرفين على أنفسهم مع شهرة بالشجاعة.
وتوفّى الأمير إسحاق بن إبراهيم بن قرمان ملك الروم، غريبا عن بلاده بديار بكر عند حسن بك بن قرايلك في أوائل المحرم، بعد أن وقع له أمور وحروب لما ملك الروم وخالفه إخوته، وقد ذكرنا أمره في تاريخنا «الحوادث» مفصلا.
وتوفّى الأمير سيف الدين جانم بن عبد الله المؤيّدى، المعروف بحرامى شكل، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، بعد مرض طويل وعمر طويل أيضا، وكان من أوباش مماليك الملك المؤيّد شيخ، وطالت أيامه في الخمول والفقر إلى أن جعله الملك الظاهر جقمق بوّابا، وأنعم عليه بإقطاع كبير، فحسن حاله، وامتنع عن الشحاتة من الأكابر، ودام على ذلك إلى أن تسلطن الملك الأشرف إينال، فطلب منه إمرة، فلم يعطه شيئا، فقام بين يديه في الملأ وقال:«إما توسطنى أو تعطينى إمرة» ، فضحك الناس وشفعوا له حتى أعطاه إمرة عشرة، ثم صار من جملة رءوس النوب،