أعنى بذلك استقلالا بعد وفاة أبيه العادل، لأنّ الكامل هذا كان متولّى سلطنة مصر فى حياة والده العادل، لمّا قسم العادل الممالك فى أولاده من سنين عديدة؛ أعطى المعظّم عيسى دمشق، وأعطى الأشرف موسى الشرق، وأعطى الملك الكامل محمدا هذا مصر، وصار هو يتنقّل فى ممالك أولاده، والعمدة فى كلّ الممالك عليه إلى أن مات الملك العادل تفرّد الملك الكامل محمد بالخطبة فى ديار مصر وأعمالها، واستقلّ بأمورها وتدبير أحوالها، وذلك من يوم وفاة والده الملك العادل المذكور، وهو من يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة من سنة خمس عشرة وستمائة.
قلت: وقد تقدّم نسب الملك الكامل هذا فى ترجمة عمه السلطان صلاح الدين، واستوعبنا ذلك من عدّة أقوال وحررناه، فلينظر هناك.
قال أبو المظفّر:«ولد الكامل سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وكان أكبر أولاد العادل بعد مودود «١» ، وكان العادل قد عهد إليه لما رأى من ثباته وعقله وسداده.
وكان شجاعا ذكيّا فطنا يحبّ العلماء والأمائل ويلقى عليهم المشكلات، ويتكلّم على صحيح مسلم بكلام مليح، ويثبت بين يدى العدوّ. وأمّا عدله فإليه المنتهى» انتهى كلام أبى المظفّر باختصار.
وقال الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبىّ فى تاريخ الإسلام: «الملك الكامل محمد السلطان ناصر الدين أبو المعالى وأبو المظفّر ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيّوب بن شادى صاحب مصر. ولد بمصر سنة ست وسبعين وخمسمائة.