الملك الناصر لا يبقيه؛ فاحتاج إلى الصّلح، وحلف كلّ من نوروز وشيخ لصاحبه، واتّفقا على أنّ نوروزا يمسك دمرداش نائب حلب، وأنّ شيخا يمسك ابن أخيه قرقماس- المدعوّ سيّدى الكبير- ففطن دمرداش بذلك، وأرسل أعلم ابن أخيه قرقماس المذكور مع بعض الأعوان، وهرب دمرداش من نوروز إلى العجل ابن نعير، وفرّ ابن أخيه قرقماس من عند شيخ إلى أنطاكيّة، والعجب أنّ قرقماس المذكور كان قد صار من حزب شيخ، وترك عمّه دمرداش وخالفه وصار يقاتل نوروزا وعمه هذه المدة الطويلة، وعمه دمرداش يرسل إليه فى الكفّ عن قتالهم، ويدعوه إلى طاعة نوروز ويوبخه بالكلام وهو لا يلتفت، ولا يبرح عن الأمير شيخ، حتى بلغه من عمّه أنّ شيخا يريد القبض عليه، فعند ذلك تركه وهرب، ثمّ إنّ الأمير نوروزا قصد حلب وأخذها واستولى عليها، وهرب مقبل الرومىّ، الذي كان حمل للأمير نوروز التّقليد بنيابة الشام، ولحق بالسّلطان على غزّة.
[ما وقع من الحوادث سنة ٨١٣]
وأمّا السلطان الملك الناصر، فإنه أخذ فى التّجهيز إلى السفر نحو البلاد الشّامية، وعظم الاهتمام فى أوّل محرم سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وخلع فى عاشر المحرّم على الأمير قراجا شادّ الشراب خاناة باستقراره دوادارا كبيرا- دفعة واحدة- بعد موت الأمير قجاجق، وخلع على سودون الأشقر باستقراره شادّ الشّراب خاناة عوضا عن قراجا المذكور، ثمّ عمل السلطان فى هذا اليوم عرس الأمير بكتمر جلّق، وزفّت عليه ابنة السلطان الملك الناصر- التى كان عقد عليه عقدها بدمشق- وعمرها يوم ذلك نحو سبع سنين أو أقلّ، وبنى عليها بكتمر فى ليلة الجمعة حادى عشر المحرّم المذكور، وأخذ السّلطان فى أسباب السفر، وتهيأ وأنفق على المماليك السلطانيّة وغيرهم من الأمراء، ومن له عادة بالنّفقة، فأعطى لكلّ مملوك من المماليك السلطانية عشرين ألف درهم، وحمل إلى الأمراء مقدّمى الألوف لكلّ واحد ألفى دينار،