برقوق، وأنّه لا يطيع أبدا، وأنّه هو لا يريد إلّا الانتماء إلى السّلطان فقط، ورغبته فى عمل مصالح العباد والبلاد، ثمّ كرّر السؤال فى العفو والصّفح عنه فى هذه المرّة، فلم يمش ذلك على الملك الناصر ولم يلتفت إلى كتابه.
وشرع السّلطان فى التّنزّه، وأكثر من الرّكوب إلى برّ الجيزة للصّيد فى كلّ قليل، ووقع منه ذلك فى الشهر غير مرة، ولمّا عاد فى بعض ركوبه فى يوم الخميس ثالث عشرين شوّال من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة المذكورة، ووصل قريبا من قناطر السّباع «١» عند الميدان الكبير أمر السّلطان بالقبض على الأمير قردم الخازندار، وعلى الأمير إينال المحمّدى السّاقىّ- المعروف بضضع- أمير سلاح، فقبض فى الحال على قردم، وأما إينال ضضع المذكور فإنّه شهر سيفه وساق فرسه ومضى، فلم يلحقه غير الأمير قجق الشّعبانىّ، فأدركه وضربه بالسّيف على يده ضربة جرحته جرحا بالغا، ثم فاته ولم يقدر عليه، وطلع السلطان القلعة، كلّ ذلك وهو لا يملك نفسه على فرسه من شدّة السّكر، ونودى فى الحال بالقاهرة على الأمير إينال المحمّدىّ المذكور، فلم يظهر له خبر، وقيّد قردم وحمل إلى الإسكندريّة من يومه.
وأمّا الأمير شيخ، فإنّه كمّل فى هذا الشهر- وهو ذو الحجّة من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة- سبعة أشهر وهو يقاتل نوروزا ودمرداش، ويحاصرهما بحماة، ووقع بينهم فى هذه المدّة المذكورة حروب وخطوب يطول شرحها، وقتل بينهم خلائق لا تحصى، واشتدّ الأمر على نوروز وأصحابه بحماة، وقلّت عندهم الأزواد، وقاسوا شدائد حتّى وقع الصلح بينه وبين الأمير شيخ؛ وذلك عندما سمعوا بخروج الملك الناصر فرج إلى البلاد الشّاميّة، وخاف نوروز إن ظفر به