للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وافوها، فأخذوا يقتلون ويأسرون ويحرقون وينهبون القرى حتى ضاقت مراكبهم عن حمل الأسرى، وامتلأت أيديهم بالغنائم، وألقى كثير منهم ما أخذه إلى الأرض، فعند ذلك كتب الأمير جرباش مقدّم العساكر المجاهدة كتابا إلى الأمير قصروه من تمراز [نائب طرابلس] «١» بهذا الفتح [العظيم] «٢» والنصر [المبين] «٣» صحبة قاصد بعثه الأمير قصروه مع المجاهدين ليأتيه بأخبارهم، فعند ما وصل الخبر للأمير قصروه كتب فى الحال إلى السلطان بذلك، وفى طىّ كتابه كتاب الأمير جرباش المذكور، وهو الكتاب الذي قرىء بالأشرفيّة بالقاهرة، ثم بجامع عمرو بن العاص، ثم إن الأمير جرباش لمّا رأى أن الأمر أخذ حدّه، وأن السلامة غنيمة، ثم ظهر له بعض تخوّف عسكره؛ فإنّه بلغهم أن صاحب قبرس قد جمع عساكر كثيرة واستعدّ لقتال المسلمين، فشاور من كان معه من الأمراء والأعيان، فأجمع رأى الجميع على العود إلى جهة الدّيار المصريّة مخافة من ضجر العسكر الإسلامى إن طال القتال بينهم وبين أهل قبرس إذا صاروا فى مقابله، فعند ذلك أجمع رأى الأمير جرباش المذكور أن يعود بالعساكر الإسلاميّة على أجمل وجه، فحّل القلاع بعد أن تهيّأ للسّفر وسار عائدا حتى أرسى على الطّينة قريبا من قطيا وثغر دمياط، ثم توجّهوا إلى الدّيار المصريّة، ولما بلغ الناس ذلك وتحقّق كلّ أحد ما حصل للمسلمين من النّصر والظّفر عاد سرورهم لأن السلطان كان لما بلغه عودهم نادى فى الناس من أراد الجهاد فليحضر لأخذ النّفقة، فكثر قلق الناس لذلك، وظنوا كلّ ظن حتى علموا من أمرهم ما حكيناه.

هذا ما كان من أمر الغزاة، وأما السلطان فإنه أفرج فى يوم الاثنين ثالث عشر شوّال عن الأمير الكبير بيبغا «٤» المظفّرىّ من سجن الإسكندرية ونقله إلى ثغر دمياط، وأنعم عليه بفرس بقماش ذهب ليركبه بدمياط إلى حيث يشاء.