ولما كان الغد طلب السلطان صنّاع دار الضّرب وشرع فى ضرب الذّهب الأشرفى، وتطلّب من كان عنده من الذهب الإفرنتى.
ثم فى سادس عشرينه نودى بالقاهرة بإبطال المعاملة بالذهب الإفرنتى، وأن يتعامل الناس بالدّنانير الأشرفيّة زنة الدّينار منها زنة الإفرنتى، ثم ألزم السلطان الناس بحمل ما عندهم من الإفرنتية إلى دار الضّرب.
ثم فى يوم الخميس رابع عشر شهر «١» ربيع الأول قدم الأمير قصروه «٢» من تمراز نائب طرابلس، وطلع إلى القلعة وقبّل الأرض وخلع السلطان عليه خلعة الاستمرار بولايته على عادته، ثمّ فى يوم السبت قدّم هديّته إلى السلطان، وكانت تشتمل على شىء كثير.
وفى يوم الخميس المذكور وصل «٣» إلى القاهرة الأمير يربغا التّنمىّ أحد أمراء العشرات عائدا من بلاد اليمن بغير طائل، وسببه أن السلطان كان أطمعه بعض الناس فى أخذ اليمن وهوّن عليه أمرها- وهو كما قيل- غير أن الملك الأشرف لم يلتفت إلى ذلك بالكلية تكذيبا للقائل له، فأرسل الأمير يربغا هذا بهديّة لصاحب اليمن وصحبته السّيفى ألطنبغا فرنج الدّمرداشىّ والى دمياط- كان- ومعهما أيضا خمسون مملوكا من المماليك السلطانية، فساروا إلى جدّة، ثم ركبوا منها البحر وتوجّهوا إلى جهة اليمن، إلى أن وصلوا حلى بنى يعقوب «٤» ، فسار منه يربغا التّنمى ومعه من المماليك خمسة نفر لا غير، ومعه الهدية والكتاب لصاحب اليمن، وهو يتضمن طلب مال للإعانة على الجهاد، وأقام ألطنبغا فرنج ببقية المماليك فى المراكب، فأكرم صاحب اليمن يربغا