ططر وقد خدعهم بتنميق كلامه وكثرة دهائه من أنه يقوم بنصرة ابن أستاذهم، ويكون مدبّر ملكه، وهو كواحد منهم والأمر كله إليهم، وهو معهم كيف ما شاءوا، ثم خوّفهم من وثوب قجقار القردمى وركوبه لما فى نفسه من الملك، فمالوا إليه وانخذعوا له، وصاروا من حزبه لا يخفون عنه أمرا من الأمور، هذا مع ما استمال ططر أيضا جماعة كبيرة من خشداشيّته الظاهريّة فى الباطن.
وفرقة من أعيان الأمراء والمماليك السلطانية من جنس التّتر والسّيفيّة وكبيرهم قجقار القردمى، وهو ظنين «١» بنفسه مع ما اشتمل عليه من سلامة الباطن- كما هى عادة جنس التّتر- والجهل المفرط، مع انهما كه فى اللذات ليلا ونهارا.
وفرقة صارت بمعزل عن الفريقين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وهم الظاهرية مماليك برقوق وكبيرهم الأمير تنبك ميق، على أن ميلهم فى الباطن مع خشداشهم ططر، غير أنهم يخافون عواقب الأمور- لعدم أهلية ططر لذلك- لكونه خلقه مثل الأتابك ألطنبغا القرمشى مع من معه من الأمراء وعظمته فى النفوس، ومثل جقمق الأرغون شاوىّ الدوادار نائب الشام، ومثل يشبك اليوسفى المؤيدى نائب حلب، وأيضا مثل قجقار القردمى أمير سلاح، هذا مع كثرة المماليك المؤيدية وشدّة بأسهم حتى لو أن ططر كفى همّ الجميع من الأمراء لا يستطيع الوثوب على الأمراء من هؤلاء المؤيدية، فلذلك كفّ عن موافقته كثير من خشداشيّته فى مبادئ الأمر، فلم يلتفت ططر إلى كلام متكلم، وأخذ فيما هو فيه من إبرام أمره، ولسان حاله يقول:
«إما إكديش أو نشّابة للريش» فإنه كان فى بحبوحة «٢» من الفقر والإفلاس والخوف من الملك المؤيد، فلما وجد المقال قال، وانتهز الفرصة إمّا بها أو عليها، ولما عظم اضطراب الناس بالقاهرة أجمع الأمراء على تولية التّاج بن سيفة الشّوبكى أستادار الصحبة ولاية القاهرة على عادته أولا، فخلع عليه بحضرة الأمراء فى بعض دور القلعة باستقراره فى ولاية القاهرة بعد عزل ابن فرّى، فنزل التاج إلى القاهرة بخلعته، وشق الشوارع وأبرق