طستا حتّى يتقيّأ فيه فأحضرته، وكان الملك الناصر داود على الباب، جاء ليعود عمّه الكامل؛ فقلت: داود على الباب، فقال: ينتظر موتى! فانزعج، فخرجت وقلت: ما ذاك وقتك السلطان منزعج، فنزل إلى داره؛ ودخلت إلى السلطان فوجدته قد قضى والطست بين يديه وهو مكبوب على المخدّة.
وقال ابن واصل: حكى لى طبيبه قال: أصابه لمّا دخل قلعة دمشق زكام، فدخل الحمّام وصبّ على رأسه ماء شديد الحرارة، اتّباعا لقول محمد «١» بن زكريّا الرازىّ فى كتاب سمّاه «طبّ ساعة «٢» » ؛ قال فيه: من أصابه زكام يصبّ على رأسه ماء شديد الحرارة انحلّ زكامه لوقته، وهو لا ينبغى أن يعمل على إطلاقه؛ قال الطبيب: فانصبّ من «٣» دماغه إلى فم معدته فتورّمت، وعرضت له حمّى شديدة، وأراد القىء فنهاه الأطبّاء، وقالوا: إن تقيّأ هلك، فخالفهم وتقيّأ فهلك لوقته.
قال ابن واصل: وحكى لى الحكم رضىّ الدين قال: عرضت له خوانيق، وتقيّأ دما كثيرا ومدّة؛ فأراد القىء أيضا فنهاه موفّق الدين إبراهيم، وأشار عليه بعض الأطباء بالقىء فتقيّأ، فانصبّت بقيّة المادة إلى قصبة الرئة وسدّتها فمات.
وقال ابن واصل: وكان ملكا جليلا حازما، سديد الآراء حسن التدبير لممالكه عفيفا حليما؛ عمّرت فى أيّامه الديار المصريّة عمارة كبيرة، وكان عنده مسائل غريبة من الفقه والنحو يوردها، فمن أجابه حظى عنده.