ابن جرباش الشيخى يترحّم على والده ويقول، لم يعتقنى الملك الظاهر برقوق إلا بسفارة الأمير جرباش الشيخى- رحمه الله- وأحسن إلى ولده المذكور.
وأما قوله «وأقام ططر فى الطبقة حتى عاد الملك الناصر إلى ملكه بعد أخيه المنصور عبد العزيز» فهذا يكون فى سنة ثمان وثمانمائة، فهذه مجازفة لا يدرى معناها، فإنّ ططر كان يوم ذاك من رءوس الفتن، مرشّحا للإمرة وولاية الأعمال، بل كان قبل ذلك فى واقعة تيمور لنك فى سنة ثلاث وثمانمائة من أعيان القوم الذين أرادوا سلطنة الشيخ لاجين الچاركسىّ بالقاهرة، وعادوا إلى مصر، وهو يوم ذاك يخشى شرّه، وأيضا إنه فى سنة ثمان المذكورة كان برسباى الدقماقىّ- أعنى الملك الأشرف- صار من جملة الخاصكيّة السّقاة الخاص «١» الأعيان، وكان من جملة أصحاب ططر الصّغار ممّن ينتمى إليه، وبسفارته اتّصل إلى ما ذكرناه من الوظيفة وغيرها، ولا زال على ذلك إلى أن شفع فيه ططر- بعد أن حبسه الملك المؤيد بالمرقب- وأخرجه إلى دمشق، كل ذلك وططر مقدّم عليه وعلى غيره من أعيان الظاهرية، ويسمّونه أغاة «٢» من تلك الأيام، فلو كان كما قاله المقريزى «إن الملك الناصر فرج أعتقه فى سنة ثمان» كان ططر من أصاغر المماليك الناصرية؛ فإن الذين أعتقهم الملك الناصر ممّن ورثهم من أبيه- وهم أول خرج أخرجه- جماعة كبيرة مثل الملك الأشرف إينال العلائى سلطان زماننا، والأمير طوخ من تمراز أمير مجلس زماننا، والأمير يونس العلائى أحد مقدّمى الألوف فى زماننا، فيكون هؤلاء بالنسبة إلى ططر قرانيص وأكابر، وقدماء هجرة، فهذا القول لا يقوله إلّا من ليس له خبرة بقواعد السّلاطين، ولا يعرف ما الملوك عليه بالكلّيّة، ولولا أن المقريزى ذكر هذه المقالة فى عدّة كتب من مصنّفاته ما كنت أتعرّض إلى جواب ذلك، فإن هذا شىء لا يشكّ فيه أحد، ولم يختلف فيه اثنان غير أنى أعذره فيما نقل؛ فإنه كان بمعزل عن الدولة، وينقل أخبار الأتراك عن