حتّى غيّر قلب الخليفة عليه، فطلب الحجّ فأذن له، فتجهّز جهازا عظيما واشترى ستّمائة جمل لحمل المنقطعين وزادهم، وحمل معه جماعة من العلماء والزهّاد، وأخذ معه بيمارستانا فيه جميع ما يحتاج إليه، وسافر بتجمّل زائد. فلمّا وصل إلى باب قطفتا «١» خرج إليه رجل صوفىّ بيده قصّة، فقال: مظلوم! فقال الغلمان: هات قصّتك. فقال: ما أسلّمها إلّا للوزير. فلمّا دنا منه ضربه بسكّين فى خاصرته، فصاح: قتلتنى، وسقط من دابّته، وبقى على قارعة الطريق ملقى، وتفرّق من كان معه إلّا حاجب الباب، فإنّه رمى بنفسه عليه، فضربه الباطنىّ بسكّين فجرحه، وظهر للباطنىّ رفيقان فقتلوا وأحرقوا. ثم حمل الوزير إلى داره فمات بها. وكان مشكور السّيرة محببّا إلى الرعيّة، غير أنّ القاضى الفاضل لمّا بلغه خبر قتله، أنشد:
وأحسن من نيل الوزارة للفتى ... حياة تريه مصرع الوزراء
وما ربّك بظلّام للعبيد. كان- عفا الله عنه- قد قتل ولدى الوزير ابن هبيرة وخلقا كثيرا.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى الوزير أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء، وثبت عليه الإسماعليّة فى ذى القعدة. وهارون ابن العبّاس أبو محمد بن المأمونىّ صاحب التاريخ. وأبو شاكر يحيى بن يوسف السّقلاطونىّ «٢» .
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وثلاث أصابع.