للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بانقطاع ما كان يأتيه من مصر، فأخذ قناديل الكعبة وستورها وصفائح الباب والميزاب، وصادر أهل مكّة فهربوا. وكذا فعل أمير المدينة مهنأ، وقطعا الخطبة للمستنصر، وخطبا لبنى العبّاس الخليفة القائم بأمر الله، وبعثا إلى السلطان ألب أرسلان السّلجوقىّ حاكم بغداد بذلك، وأنهما أذّنا بمكّة والمدينة الأذان المعتاد، وتركا الأذان ب «حىّ على خير العمل» ؛ فأرسل ألب أرسلان إلى صاحب مكّة أبى هاشم المذكور بثلاثين ألف دينار، وإلى صاحب المدينة بعشرين ألف دينار. وبلغ الخبر بذلك المستنصر، فلم يلتفت إليه لشغله بنفسه ورعيّته من عظم الغلاء. وقد كاد الخراب أن يستولى على سائر الإقليم. ودخل ابن الفضل على القائم بأمر الله العبّاسىّ ببغداد، وأنشده فى معنى الغلاء الذي شمل مصر قصيدة، منها:

[الطويل]

وقد علم المصرىّ أنّ جنوده ... سنو يوسف منها وطاعون عمواس

أحاطت «١» به حتى استراب بنفسه ... وأوجس منها خيفة أىّ إيجاس

قلت: وهذا شأن أرباب المناصب، إذا عزل أحدهم بآخر أراد هلاكه ولو هلك العالم معه. وهذا البلاء من تلك الأيّام إلى يومنا هذا.

ثمّ فى سنة ستّ وستين سار بدر الجمالىّ أمير الجيوش من عكّا إلى مصر، ومعه عبد الله بن المستنصر باستدعاء المستنصر بعد قتل ابن حمدان بمدّة. واسم ابن حمدان الحسن بن الحسين بن حمدان أبو محمد التغلبىّ الأمير ناصر الدولة ذو المجدين.