وسمع الحديث؛ ثم انتقل الى مصر وسكنها الى أن مات بها؛ وهو أحد الأبدال؛ كان صاحب مقامات وكرامات؛ وبزهده وعبادته يضرب المثل؛ صحب الجنيد وغيره؛ وهو أستاذ أبى الحسين النّورىّ. قال أبو عبد الرّحمن السّلمىّ في محن الصوفيّة: إنّ بنانا الحمّال قام الى وزير خمارويه فأنزله عن دابتّه، وكان نصرانيّا، وقال: لا تركب الخيل، ويلزمك «١» ما هو مأخوذ عليكم في ملّتكم؛ فأمر خمارويه «٢» ببنان المذكور بأن يؤخذ ويطرح بين يدى سبع، فطرح وبقى ليلته ثم جاء السبع يلمسه «٣» ؛ فلما أصبحوا وجدوه قاعدا مستقبل القبلة والسبع بين يديه؛ فأطلقه واعتذر إليه. وذكر إبراهيم بن عبد الرّحمن أنّ القاضى أبا عبيد احتال على بنان ثم ضربه سبع درر؛ فقال: حسبك الله بكل درّة سنة!؛ فحبسه ابن طولون سبع سنين. ويروى أنه كان لرجل على رجل دين مائة دينار بوثيقة، فطلبها الرجل- أعنى الوثيقة- فلم يجدها؛ فجاء الى بنان ليدعو له؛ فقال له بنان: أنا رجل قد كبرت وأحبّ الحلواء، اذهب الى عند دار قربج فاشتر رطل حلواء وأتنى به حتّى أدعو لك، ففعل الرجل وجاءه؛ فقال: بنان افتح ورقة الحلواء، ففتحها فإذا هى الوثيقة؛ فقال: هذه وثيقتى؛ فقال: خذها وأطعم الحلواء صبيانك.
وكانت وفاته في شهر رمضان، وخرج في جنازته أكثر أهل مصر. وفيها توفّى داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول أبو سعد «٤» التّنوخىّ، مولده بالأنبار وبها توفّى وله ثمان وثمانون سنة؛ كان إماما عارفا بالنحو واللغة والأدب، وصنّف كتبا في اللغة والنحو على مذهب الكوفيّين، وله كتاب كبير في خلق الإنسان. وفيها توفّى عبد الله بن سليمان بن الأشعث