مأمور، والشرع حكم بذلك. فقدّم وأجلس على ركبتيه، وأخرج المشاعلىّ سيفا من غير قراب، بل كان ملفوفا بحاشية من حواشى الجوخ التى لا ينتفع بها، فلما رأيت ذلك، قلت للمشاعلىّ: إيش هذا السيف الوحش؟ قال: لا، بل هو سيف جيد. ثم أخذ المشاعلى السيف المذكور وضرب به رقبة قرقماس، فقطعت من رقبته مقدار نصف قيراط لا غير، وعند وقوع الضربة فى رقبة قرقماس صاح صيحة واحدة مات فيها من عظم الوهم، ثم ضربه المشاعلىّ أخرى ثم ثالثة، وفى الثالثة حزّها حزّا حتى تخلّصت، كلّ ذلك وقرقماس لا يتكلم ولا يتحرك، سوى الصيحة الأولى، فعلمت بذلك أنه مات فى الضربة الأولى، من عظم ما داخله من الوهم؛ وكان ذلك فى يوم الاثنين ثانى عشر [شهر]«١» رجب من سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة. ومات قرقماس وسنه نيّف على الخمسين سنة تخمينا، ويأتى بقية أحواله عند ذكر الوفيات «٢» من هذا الكتاب [إن شاء الله تعالى]«٣» .
ثم فى يوم الاثنين ثانى عشر [شهر] »
رجب، خلع السلطان على الأمير يلبغا البهائى الظاهرى [برقوق]«٥» ، أحد أمراء الطّبلخانات وثانى حاجب، باستقراره فى نيابة الإسكندرية، عوضا عن الأمير تمرباى التّمربغاوى بحكم عزله، ثم ندب السلطان الأمير يشبك السّودونى الأمير سلاح، لسفر الصعيد، وعيّن معه عدّة كبيرة من المماليك الأشرفية [نجدة لمن تقدّم قبله]«٦» لقتال عرب الصعيد؛ وخرج فى يوم الاثنين ثانى شهر رمضان بمن معه من المماليك الأشرفية.
ثم فى يوم الاثنين تاسع شهر رمضان، قدم الأمير الطّواشى خشقدم اليشبكى، ونائبه فيروز الرّكنى الرومى، من ثغر دمياط، وأمرهما السلطان بالتوجه إلى المدينة النبوية صحبة ركب الحاجّ ليقيما بها.