وشهد عدّة من الأمراء الخاصكيّة بذلك، ولم يكن لذلك صحّة فحكم القضاة بعد البيّنة برشد السلطان، وخلع على الخليفة وقضاة القضاة وعلى الأمير الكبير أيتمش وانفضّ الموكب، ونزل الأمير الكبير إلى داره التى كان يسكن بها بالقرب من باب الوزير «١» ومعه جميع الأمراء، فلما سار أيتمش حتى صار تحت الطبلخاناه السلطانية، وطلب أن يسلّم على الأمراء، والتفت برأس فرسه، وقد وقف له جميع الأمراء لردّ سلامه، وقبل أن يسلّم عليهم، قال له الوالد: إلى أين يتوجّه الأمير الكبير من هنا؟ قال الأمير أيتمش: إلى بيتى! أو ما علمت بما وقع عليه الاتفاق من ترشيد السلطان، وأنه يستبدّ بالأمور، وأنزل أنا من باب السّلسلة إلى دارى! فقال الوالد: نعم، وقع ذلك، غير أنه بنزولك تسكن الفتنة، اطلع إلى باب السلسلة، وامكث به اليوم، وخذ فى نقل قماشك شيئا بعد شىء إلى الليل حتى نبرم أمرا نفعله فى هذه الليلة، فإذا أصبحت فانزل إلى دارك، فقال أيتمش: يا ولدى! ليس ذلك مصلحة ويقيم- من له غرض فى إثارة الفتنة- الحجّة علينا، فألح عليه الوالد حتى سمع كلامه كلّ أحد، وأيتمش لا يذعن إليه، وأبى إلّا النزول إلى داره، ثم سلّم عليهم، والتفت برأس فرسه، فقال الوالد: أخربت بيتك وبيوتنا بسوء تدبيرك، وعاد الوالد إلى جهة داره، بخط الصليبة «٢» عند حمام «٣» الفارقانى، ومعه سائر الأمراء،