صودر وحبس بخزانة «١» شمائل، ثم نفى وخلع عليه، وأقامه متحدّثا فى أمور الدولة:
كما كان فى ديار مصر، فأخذ ابن الطبلاوى هذا فى الإفحاش فى أمر الشاميّين، وطرح عليهم السّكّر الواصل من الغور «٢» ، بحيث إنه طرح ذلك على الناس، حتى على الفقهاء ونقباء القضاة، فتنكّرت القلوب عليه، وقدم الخبر بهذا كلّه إلى الديار المصرية، فتحقّق عند ذلك أعيان الدولة عصيان تنم وصرّح الأمراء الخاصكية بأن الأمير الكبير أيتمش، والوالد وجماعة من أكابر الأمراء بالديار المصرية، قد وافقوا تنم على ذلك، وكاتبوه بالخروج، ولم يكن لذلك صحّة، فأخذ الأمراء الخاصّكية وكبيرهم يشبك الشعبانىّ الخازندار، فى التدبير على أيتمش ورفقته، واتفقوا على أمر يكون فيه زوال أيتمش وأصحابه، وعلّموا السلطان الملك الناصر فرجا يقول يقوله إلى أيتمش.
فلمّا كان يوم الخميس سادس شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وثمانمائة وجميع الأمراء بالخدمة السلطانية، ابتدأ السلطان الملك الناصر بالكلام مع الأمير الكبير أيتمش، وقال له: يا عمّ أنا قد أدركت وبلغت الحلم، وأريد أن أرشد فقال له أيتمش: السمع والطاعة، واتّفق مع الأمراء الخاصكيّة على ترشيد السلطان وصوّب ذلك جميع الأمراء؛ إلّا الوالد وفارس الحاجب، وخالفا الجميع، فأخذ الأتابك أيتمش يحسّن ذلك للوالد ولفارس، حتى أذعنا على رغمها لترشيد السلطان وأنهم يمتثلون بعد ترشيده سائر ما يرسم به، وطلب فى الحال الخليفة والقضاة والسراج البلقينىّ ومفتى دار العدل فحضروا، وقام سعد الدين إبراهيم بن غراب ناظر الجيش والخاصّ، وادّعى على الأمير الكبير أيتمش، بأن السلطان قد بلغ رشده