للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طالت أيّامه واتّسعت ممالكه. ولمّا أسنّ أصابه الفالج فتعطّلت حركته، وتنافس أولاده فى الملك، وحكم عليه ولده قطب الدين ملكشاه، وقتل كثيرا من خواصّه فى حياة أبيه. وكان قطب الدين مقيما بسيواس «١» وأبوه بقونية «٢» . ثم جاء إلى أبيه يقاتله فأخرج إليه العساكر، فالتقاهم قطب الدين وكسرهم وبدّد شمل أصحاب أبيه، ثم ظفر بأبيه فأخذه مكرها وحمله إلى قيساريّة «٣» ، ووقع له معه أمور أخر. وآخر الأمر أنّه عهد إلى ولده غياث الدين بالملك ولم يعهد لقطب الدين. وكانت وفاته فى نصف شعبان.

وفيها توفّى نصر بن منصور أبو المرهف النّميرىّ الشاعر المشهور، منسوب إلى نمير بن عامر بن صعصعة «٤» . ولد برقّة الشام، وأمّه بنت سالم بن مالك صاحب الرّحبة، وربّى بالشام وعاشر الأدباء وقال الشعر وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وقلّ بصره بالجدرىّ وله أربع عشرة سنة. وقدم بغداد ليداوى عينيه فآيسه الأطبّاء، فحفظ القرآن وتفقّه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل- رضى الله عنه- وكان طاهر اللسان عفيفا ديّنا. وله مدائح فى صلاح الدين وغيره. ومن شعره- رحمه الله تعالى-:

ترى يتألّف الشمل الصديع ... وآمن من زمان ما يروع

وتأنس بعد وحشتنا بنجد ... منازلنا القديمة والرّبوع

ذكرت بأيمن العلمين عصرا ... مضى والشمل «٥» ملتئم جميع