ذى القعدة سنة تسع وأربعين وثلثمائة. أقامه خادمه كافور «١» الإخشيذىّ الخصىّ في مملكة مصر باتفاق حواشى والده والجند، وأقرّه الخليفة المطيع لله على ذلك. وصار كافور الإخشيذىّ هو القائم بتدبير مملكته والمتصرّف فيها كما كان أيّام أخيه أنوجور. وجمع له الخليفة جميع ما كان لأبيه وأخيه من أعمال الديار المصريّة والممالك الشاميّة والثغور والحرمين الشريفين. وأطلق كافور لعلىّ هذا في السنة ما كان يطلقه لأخيه أنوجور؛ وهو في كلّ سنة أربعمائة ألف دينار. وقويت شوكة كافور بعد موت أنوجور وتولية علىّ هذا أعظم مما كانت أيّام أنوجور. ومولد علىّ المذكور (أعنى صاحب الترجمة) لأربع بقين من صفر سنة ستّ وثلثمائة. ودام علىّ هذا في الملك، وله الاسم فقط والمعنى لكافور، إلى سنة إحدى وخمسين وثلثمائة. [و] وقع بمصر الغلاء واضطربت أمور الديار المصريّة والإسكندرية بسبب المغاربة أعوان الخلفاء الفاطميّين الواردين إليها من المغرب، وتزايد الغلاء [وعزّ «٢» وجود القمح] . ثم قدم القرمطىّ الى الشام في سنة اثنتين «٣» وخمسين وثلثمائة ووقع له بها أمور، وعجز المصريّون عن دفعه عنها لشغلهم بالغلاء والمغاربة الفاطميّين. ومع هذا قلّ ماء النيل في هذه السنين فارتفعت الأسعار أكثر مما كانت عليه؛ ووهنت ضياع مصر وقراها من عدم زيادة النيل، وعظم الغلاء وكثرت الفتن؛ وسار ملك النوبة إلى أسوان ووصل الى إخميم وقتل ونهب وسبى وأحرق. وعظم اضطراب أعمال الديار المصريّة قبليّها وبحريّها. ثم فسد ما بين علىّ بن الإخشيذ صاحب مصر وبين مدبّر مملكته كافور الإخشيذىّ، ومنع كافور الناس من الاجتماع به، حتّى اعتل علىّ المذكور بعلّة أخيه أنوجور ومات لإحدى عشرة خلت من المحرّم سنة خمس وخمسين وثلثمائة، وحمل الى المقدس ودفن عند أبيه الإخشيذ وأخيه