أبي سرح المذكور إلى إفريقية في عشرة آلاف وغزاها حتى افتتح سهلها وجبلها وقتل خلقاً كثيراً من أهلها، ثم اجتمعوا على الطاعة والإسلام وحسن إسلامهم، وأخذ عبد الله بن أبي سرح المذكور خمس الخمس من الغنيمة وبعث بأربعة أخماسه إلى عثمان، وقسم أربعة أخماس الغنيمة في الجيش فأصاب الفارس ثلاثة آلاف دينار والراجل ألف دينار.
قال الواقدي: وصالحه بطريقها على ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار، فأطلقها عثمان كلها في يوم واحد في آل الحكم، ويقال: في آل مروان؛ ثم غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح المذكور إفريقية ثانية في سنة ثلاث وثلاثين حين نقض أهلها العهد حتى أقرهم على الإسلام والجزية؛ واستشهد معه في هذه المرة بإفريقية جماعة منهم: معبد بن العباس بن عبد المطلب وغيره.
ثم غزا في سنة أربع وثلاثين غزوة ذات الصواري في البحر من ناحية الإسكندرية، فلقيه قسطنطين بن هرقل في ألف مركب، وقيل في سبعمائة، والمسلمون في مائتي مركب، وتقاتلا فانتصر الأمير عبد الله هذا وهزم الروم؛ وإنما سميت غزوة ذات الصواري لكثرة صواري المراكب واجتماعها. وعاد إلى مصر فبلغه في سنة خمس وثلاثين خبر من ثار على عثمان رضي الله عنه، ودخل منهم طائفة إلى مصر بأمر عثمان، فإنه كان أخرج منهم جماعة إلى البصرة والشام ومصر، فلما قدم من قدم منهم إلى مصر وافقهم جماعة من المصريين على خلاف عثمان كرهاً في ابن أبي سرح هذا لكونه ولي بعد عمرو بن العاص، وأيضاً لاشتغاله عنهم بقتال أهل المغرب وفتح بلاد البربر وأندلس وإفريقية وغيرها، ونشأ بمصر طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حرب عثمان وحرب عبد الله بن أبي سرح المذكور،