ثم كتب جوهر إلى مولاه المعزّ يبشره بالفتح، وبعث إليه برءوس القتلى؛ وقطّع خطبة بنى العباس ولبس السواد، ولبس الخطباء البياض؛ وأمر أن يقال في الخطبة:
«اللهمّ صلّ على محمد المصطفى، وعلى علىّ المرتضى؛ و [على «١» ] فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطى الرسول؛ [الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا «٢» ] .
وصلّ على الأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين، المعزّ لدين الله» . ففعل ذلك؛ وانقطعت دعوة بنى العباس في هذه السنة من مصر والحجاز واليمن والشام. ولم تزل الدعوة لبنى عبيد في هذه الأقطار من هذه السنة إلى سنة خمس وستين وخمسمائة، مائتى سنة وثمانى سنين. على ما يأتى ذكره في خلافة المستضىء العباسىّ. وكان الخليفة فى هذه الأيّام عند انقطاع خطبة بنى العباس من مصر المطيع لله الفضل. ومات المطيع ومن بعده سبعة خلفاء من بنى العباس ببغداد حتى انقرضت دولة بنى عبيد من مصر على يد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب، والخليفة يوم ذاك المستضىء العباسىّ، على ما يأتى ذلك في محلّه إن شاء الله تعالى. ثمّ في شهر ربيع الآخر سنة تسع وخمسين وثلثمائة أذّنوا بمصر ب «حىّ على خير العمل» . واستمرّ ذلك.
ثمّ شرع جوهر في بناء جامعه بالقاهرة المعروف بجامع الأزهر، وهو أوّل جامع بلته الرافضة بمصر؛ وفرغ من بنائه في شهر رمضان سنة إحدى وستين وثلثمائة بعد أن كان ابتنى القاهرة؛ كما سيأتى ذكر بنائها في هذه الترجمة أيضا. ولمّا ملك جوهر مصر كان الحسن بن عبيد الله بن الإخشيذ المقدّم ذكره بالشام وهو بيده إلى الرملة؛ فبعث إليه جوهر بالقائد جعفر بن فلاح المقدّم ذكره أيضا، فقاتل ابن فلاح حسنا المذكور بالرملة حتى ظفر به، وبعث به إلى مصر، حسب ما تقدّم ذكره، وبعثه القائد جوهر إلى المغرب؛ فكان ذلك آخر العهد به. ثم سار جعفر