للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك الخشب، فتحرّكت الأجراس، وظنّ الموكّلون بالبناء أنّ المنجّمين حرّكوها فألقوا ما بأيديهم من الطين والحجارة في الأساس؛ فصاح المنجّمون: لا لا، القاهر فى الطالع! ومضى ذلك وفاتهم ما قصدوه. وكان غرض جوهر أن يختاروا للبناء طالعا لا يخرج البلد عن نسلهم أبدا، فوقع أنّ المريخ كان في الطالع، وهو يسمى عند المنجّمين القاهر، فحكموا لذلك «١» أنّ القاهرة لا تزال تحت حكم الأتراك، وأنّهم لا بدّ أن يملكوا هذه البلد. فلمّا قدم المعزّ إليها وأخبر بهذه القصة وكان له خبرة بالنّجامة، وافقهم على ذلك، وأنّ الترك تكون لهم الغلبة على هذا البلد؛ فغيّر اسمها وسمّاها القاهرة. وقيل فيها وجه آخر، وهو أنّ بقصور القاهرة قبّة تسمّى القاهرة، فسميت على اسمها. والقول الأوّل هو المتواتر بين الناس والأقوى.

وقيل غير ذلك.

ثم بنيت حارات «٢» القاهرة من يومئذ، فعمّر فيها:

حارة الروم- وهما حارتان، حارة الروم الآن المشهورة «٣» ، وحارة الروم الجوّانيّة «٤» ، وهى التى بقرب باب النصر على يسار الداخل إلى القاهرة، ثم استثقل الناس قول حارة الروم الجوّانية فحذفوا صدر الكلمة وقالوا «الجوّانية» ؛ والورّاقون يكتبون حارة الروم السفلى، وحارة الروم العليا المعروفة بالجوّانية.