للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا دخل المعزّ إلى القاهرة احتجب في القصر فبعث عيونه ينقلون إليه أخبار الناس وهو متوفّر في النعم والأغذية المسمنة والأطلية التى تنقّى البشرة وتحسّن اللّون. ثمّ ظهر للناس بعد مدّة وقد لبس الحرير الأخضر وجعل على وجهه اليواقيت والجواهر تلمع كالكواكب. وزعم أنّه كان غائبا في السماء وأنّ الله رفعه إليه؛ فامتلأت قلوب العامّة والجهّال منه رعبا وخوفا، وقطع ما كان على ابن الإخشيذ في كلّ سنة من الأتاوة للقرامطة، وهى ثلثمائة ألف دينار. ولمّا بلغ القرمطىّ ذلك عظم عليه؛ لأنّ المعزّ كان يصافيه لمّا كان بالمغرب ويهاديه، فلمّا وصل إلى مصر قطع ذلك عنه. وسار القرمطىّ، واسمه الحسن بن أحمد بن أبى سعيد الحسن بن بهرام القرمطىّ، إلى بغداد وسأل الخليفة المطيع بالله العباسىّ على لسان عزّ الدولة بختيار أن يمدّه بمال ورجال ويولّيه الشام ومصر ليخرج المعزّ منها؛ فامتنع الخليفة المطيع بالله من ذلك، وقال: كلّهم قرامطة وعلى دين واحد؛ فأمّا المصريون (يعنى بنى عبيد) فأماتوا السنن وقتلوا العلماء؛ وأمّا هؤلاء (يعنى القرامطة) فقتلوا الحاجّ، وقلعوا الحجر الأسود، وفعلوا ما فعلوا. فقال عزّ الدولة بختيار للقرمطىّ: اذهب فافعل ما بدالك. وقيل: إنّ بختيار أعطاه مالا وسلاحا. فسار القرمطىّ إلى الشام ومعه أعلام سود، وأظهر أنّ الخليفة المطيع ولّاه وكتب على الأعلام اسم المطيع عبد الكريم، وتحته مكتوب" السادة الراجعون إلى الحقّ" وملك القرمطىّ الشام ولعن المعزّ هذا على منبر دمشق وأباه؛ وقال: هؤلاء من ولد القدّاح كذّابون مخترقون أعداء الإسلام، ونحن أعلم بهم؛ ومن عندنا خرج جدّهم القدّاح. ثم أقام القرمطىّ الدعوة لبنى العباس وسار إلى مصر بعساكره. ولمّا بلغ المعزّ مجيئه تهيّأ لقتالهم؛ فنزل القرمطىّ بمشتول «١» الطواحين، وحصل