الفساد رأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ بالسيف، فطلب الأسود سيفا ونهب وأغار، وحفّ به طائفة وتقوّى وأخذ أموال الناس، وتموّل حتى اشترى جارية بألف دينار؛ فراودها فتمنعت؛ فقال: ما تكرهين منّى؟ قالت: أكرهك كلّك؛ قال: ما تحبّين؟ قالت: تبيعنى؛ قال: أو [أفعل «١» ] خيرا لك من ذلك؛ فحملها إلى القاضى وأعنقها ووهبها ألف دينار؛ فتعجّب الناس من سماحته.
ثمّ خرج إلى الشام فهلك هناك.
وفيها خرج الخليفة الطائع ومعه سبكتكين من بغداد في المحترم يريدان واسطا لقتال بختيار؛ فمات الخليفة المطيع الفضل في يوم الاثنين لثمان بقين من المحرّم، وكان المطيع قد خرج مع ولده الخليفة الطائع يريد واسطا، فردّه ولده في تابوت إلى بغداد فدفن بها، ثمّ مات سبكتكين بعده بيوم واحد، فحمل أيضا إلى بغداد. وكان أصل سبكتكين من مماليك عزّ الدولة الأتراك، وخلع عليه الخليفة الطائع بالإمارة عوضا عن أستاذه عزّ الدولة، وخرجا لقتاله فمات. وكانت مدّة إمارته شهرين وثلاثة عشر يوما. ولمّا مات سبكتكين عقد الأتراك لأفتكين «٢» الرّامى مولى معزّ الدولة، وكان أعور، وأطاعوه. وعرض عليه الطائع اللّقب فامتنع واقتصر على الكنية. وعمل على لقاء عزّ الدولة؛ فاستنجد عزّ الدولة بابن عمّه عضد الدولة فنجده؛ وقاتل الأتراك وكسرهم بعد حروب كثيرة. ثمّ طمع عضد الدولة في الإمارة وعزله عزّ الدولة، وخلع عليه الخليفة الطائع مكانه؛ وعظم أمر عضد الدولة بعد ذلك.
وفيها توفّى الخليفة المطيع لله أبو القاسم الفضل أمير المؤمنين المقدّم ذكر وفاته لمّا خرج مع ولده الطائع. وهو ابن الخليفة المقتدر جعفر ابن الخليفة المعتضد