المعروف بالمقلوب «١» . فلمّا وقع بصرهم على الروم رموهم بالنّشاب وبينهم النهر المذكور، ولم يكن لأحد الفريقين سبيل للعبور لكثرة الماء. وكان منجوتكين قد حفظ المواضع التى يقلّ الماء فيها، وأقام جماعة من أصحابه يمنعون عسكره من العبور لوقت يختاره المنجّم. فخرج من عسكره من الدّيلم رجل شيخ كبير في السن وبيده ترس وثلاث روسات «٢» ؛ فوقف على جانب النهر وبإزائه قوم من الروم، فرموه بالنّشاب وهو يسبح حتّى قطع النهر، وصار على الأرض من ذلك البرّ والماء في النهر إلى صدره.
فلمّا رآه «٣» عساكر منجوتكين رموا بأنفسهم في الماء فرسانا ورجّالة، ومنجوتكين يمنعهم فلا يمتنعون حتّى صاروا مع الروم في أرض واحدة وقاتلوا الروم؛ فأنزل الله نصره على المسلمين، فولّى الروم وأعطوهم ظهورهم، وركبهم المسلمون فاثخنوهم قتلا وأسرا، وأفلت كبير الروم البرجىّ في عدد يسير إلى أنطاكية، وغنم المسلمون من عساكرهم وأموالهم شيئا لا يعدّ ولا يحصى. وكان مع الروم ألفان من عسكر حلب المسلمين فقتل منجوتكين منهم ثلثمائة. وتبع منجوتكين الروم إلى أنطاكية فأحرق ضياعها ونهب رساتيقها، ثمّ كرّ راجعا إلى حلب، وكان وقت الغلّات؛ فعلم لؤلؤ أنّه لا له نجدة «٤» وأنّه يضعف عن مقاومة المصريّين؛ فكاتب المغربىّ والنّشورىّ كاتب منجوتكين وأرغبهما في المال وبذل لهما ما أرضاهما، وسألهما أن يشيرا على منجوتكين بالانصراف عن حلب إلى دمشق وأن يعود في العام المقبل؛ فخاطباه فى ذلك، وصادف قولهما له شوق منجوتكين إلى دمشق؛ وكان منجوتكين أيضا