الأمان فأمّنه؛ فخرج بنفسه إليه، فأهّل «١» به بسيل ملك الروم وأعطاه مالا وثيابا، وسلّم الحصن إليه؛ فرتّب ملك الروم [عليه] أحد ثقاته. ثمّ نازل حمص فافتتحها عنوة وسبى منها ومن أعمالها أكثر من عشرة آلاف نسمة. ثمّ نزل على طرابلس أربعين يوما، فقاتلها «٢» فلم يقدر على فتحها، فرحل عائدا إلى الروم. ووصل خبره إلى العزيز فعظم عليه ذلك إلى الغاية، ونادى في الناس بالنفير، وفتح الخزائن وأنفق على جنده، ثمّ سار بجيوشه ومعه توابيت آبائه فنزل إلى الشام، ووصل إلى بانياس «٣» ، فأخذه مرض القولنج وتزايد به حتّى مات منه وهو في الحمام في سنة ستّ وثمانين وثلثمائة.
وقيل في وفاته غير ذلك أقوال كثيرة، منها أنّه مات بمدينة بلبيس من ضواحى القاهرة، وقيل: إنّه مات في شهر رمضان قبل خروجه من القاهرة في الخمّام، وعمره اثنتان وأربعون سنة وثمانية أشهر. وكانت مدّة ولايته على مصر إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وأيّاما. وتولّى مصر بعده ابنه أبو علىّ منصور الملقّب بالحاكم الآتى ذكره إن شاء الله. وكان العزيز ملكا شجاعا مقداما حسن الأخلاق كثير الصّفح حليما لا يؤثر سفك الدماء، وكانت لديه فضيلة؛ وله شعر جيّد، وكان فيه عدل وإحسان للرعيّة. قلت: وهو أحسن الخلفاء الفاطميّين حالا بالنسبة لأبيه المعز ولابنه الحاكم؛ على ما يأتى ذكره إن شاء الله.
قال ابن خلكان:«وزادت مملكته على مملكة أبيه، وفتحت له حمص وحماة وشيزر وحلب؛ وخطب له المقلّد «٤» العقيلىّ صاحب الموصل بالموصل [وأعمالها «٥» ]