وقال المختار المسبّحى صاحب التاريخ المشهور: «قال لى الحاكم، وقد جرى ذكر والده العزيز،: يا مختار، استدعانى والدى قبل موته وهو عارى الجسم، وعليه الخرق والضّماد (يعنى كونه كان في الحمام) قال: فاستدعانى وقبّلنى وضمّنى إليه، وقال: واغمّى عليك يا حبيب قلبى! ودمعت عيناه، ثمّ قال: امض يا سيّدى فآلعب فأنا في عافية. قال الحاكم: فمضيت والتهيت بما يلتهى به الصّبيان من اللعب إلى أن نقل الله تعالى العزيز إليه» . انتهى كلام المسبّحى.
وقد ذكرنا في وفاة العزيز عدّة وجوه من كلام المؤرّخين رحمهم الله تعالى.
وكان العزيز حازما فصيحا. وكتابه إلى عضد الدولة بحضرة الخليفة الطائع العباسىّ يدلّ على فضل وقوّة. وكان كتابه يتضمّن بعد البسملة:
«من عبد الله ووليّه نزار أبى منصور الإمام العزيز بالله أمير المؤمنين، إلى عضد الدولة الإمام نصير ملة الإسلام أبى شجاع بن أبى علىّ. سلام عليك؛ فإنّ أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو، ويسأله الصّلاة على جدّه محمد رسول ربّ العالمين، وحجّة الله على الخلق أجمعين، صلاة باقية نامية متّصلة دائمة بعترته الهادية، وذرّيته الطيّبة الطاهرة. وبعد، فإنّ رسولك وصل إلى حضرة أمير المؤمنين، مع الرسول المنفذ اليك، فأدّى ما تحمله «١» من إخلاصك في ولاء أمير المؤمنين ومودّتك «٢» ، ومعرفتك بحقّ إمامته، ومحبتك لآبائه الطائعين الهادين المهديّين. فسرّ أمير المؤمنين بما سمعه عنك، ووافق ما كان يتوسّمه فيك وأنّك لا تعدل عن الحقّ- ثم ذكر كلاما طويلا في المعنى إلى أن قال-: وقد علمت ما جرى على ثغور المسلمين من المشركين، وخراب الشام وضعف أهله، وغلاء الأسعار. ولولا ذلك لتوجّه