وجاء الطائع الخليفة لأبى نصر وعزّاه في أخيه شرف الدولة، ثمّ ركب أبو نصر إلى دار الخليفة وحضر الأعيان. وخلع الخليفة الطائع على أبى نصر المذكور سبع خلع أعلاها سوداء وعمامة سوداء، وفي عنقه طوق كبير، وفي يديه سواران، ومشى الحجّاب بين يديه بالسيوف. فلمّا حصل بين يدى الطائع قبّل الأرض، ثمّ أجلس على كرسىّ، وقرأ أبو الحسن «١» علىّ بن عبد العزيز «٢» بن حاجب النّعمان كاتب الخليفة عهده، وقدّم إلى الطائع لواءه فعقده ولقبه بهاء الدولة وضياء الملة. قلت: وهذا الثالث من بنى عضد الدولة بن بويه؛ فإنّه ولى بعد عضد الدولة صمصام الدولة، ثمّ شرف الدولة، ثمّ بهاء الدولة هذا.
وكان بهاء الدولة المذكور من رجال بنى بويه. وبلغ الأتراك بفارس ولايته فوثبوا وأخرجوا صمصام الدولة من معتقله، وكان اعتقله أخوه شرف الدولة.
ولمّا خرج صمصام الدولة واستفحل أمره، وقّع بينه وبين الأتراك، فتركوه وأقاموا ابن أخيه أبا علىّ ولقّبوه شمس الدولة. ووقع لهم أمور يطول شرحها.
وفيها توفّى محمد بن المظفّر بن موسى بن عيسى أبو الحسين البزّاز البغدادىّ الحافظ المشهور، ولد سنة ستّ وثمانين ومائتين في المحرّم، ورحل وسمع الكثير، وروى عنه خلائق، كتب عنه الدارقطنىّ. وقد روينا مسنده الذي جمعه من حديث أبى حنيفة رضى الله عنه عن المسند المعمّر الحاكم عبد الرّحيم بن «٣» الفرات الحنفى.