وقال أبو المظفر في المرآة: وملك الظاهر لإعزاز دين الله سائر ممالك والده، مثل الشام والثغور وإفريقية، وقامت عمّته ستّ الملك بتدبير مملكته أحسن قيام، وبذلت العطاء في الجند وساست الناس أحسن سياسة. وكان الظاهر لإعزاز دين الله عاقلا سمحا جوادا يميل إلى دين وعفّة وحلم مع تواضع. أزال الرسوم التى جدّدها أبوه الحاكم الى خير، وعدل في الرعيّة وأحسن السيرة، وأعطى الجند والقوّاد الأموال، واستقام له الأمر مدّة؛ وولّى نوّابه بالبلاد الشامية، إلى أن خرج عليه صالح بن مرداس الكلابىّ وقصد حلب وبها مرتضى الدولة أبو [نصر بن «١» ] لؤلؤ الحمدانىّ نيابة عن الظاهر هذا؛ فحاصرها صالح المذكور إلى أن أخذها. ثم تغلّب حسّان بن المفرّج البدوىّ صاحب الرملة على أكثر الشأم؛ وتضعضعت دولة الظاهر، واستوزر الوزير نجيب الدولة علىّ بن أحمد الجرجرائىّ. وكان الوزير هذا من بيت حشمة ورياسة، وكان أقطع اليدين من المرفقين، قطعهما الحاكم بأمر الله فى سنة أربع وأربعمائة؛ وكان يكتب عنه العلامة القاضى أبو عبد الله القضاعىّ، وكانت العلامة «٢»«الحمد لله شكرا لنعمته» . ولم يظهر أمر هذا الوزير إلا بعد موت عمّة الظاهر ستّ الملك بعد سنة خمس عشرة وأربعمائة. وكان الظاهر لإعزاز دين الله كثير الصدقات منصفا من نفسه، لا يدّعى دعاوى والده وجدّه في معرفة النجوم وغيرها من الأشياء المنكرة، لا سيما لمّا وقع من بعض حجّاج المصريّين كسر الحجر الأسود بالبيت الحرام في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وكان أمر الحجر أنّه لمّا وصل الحاجّ المصرىّ الى مكة المشرّفة، وثب شخص من الحاجّ الى الحجر الأسود وهو مكانه من البيت الحرام، وضربه بدبّوس كان في يده حتى شعثه وكسر قطعا