والأشتر اسمه مالك بن الحارث، قال أبو المظفر في مرآة الزمان: قال علماء السيرة كابن إسحاق وهشام والواقدي قالوا: لما اختل أمر مصر على محمد بن أبي بكر الصديق وبلغ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: ما لمصر إلا أحد الرجلين، صاحبنا الذي عزلناه عنها- يعني قيس بن سعد بن عبادة- أو مالك ابن الحارث- يعني الأشتر هذا.
قلت: وهذا مما يدل على أن ولاية محمد بن أبي بكر الصديق كانت هي السابقة، اللهم إلا إن كان لما اختل أمر مصر على محمد عزله علي رضي الله عنه بالأشتر، ثم استمر محمد ثانياً بعد موت الأشتر على عمله حتى وقع من أمره ما سنذكره، وهذا هو أقرب للجمع بين الأقوال لأن الأشتر توفي قبل دخوله إلى مصر والله أعلم؛ وكان علىّ رضى الله عنه حين انصرف من صفين رد الأشتر إلى عمله على الجزيرة وكان عاملا عليها، فكتب إليه وهو يومئذ بنصيبين: سلام عليك يا مالك، فإنك ممن استظهرتك على إقامة الدين؛ وكنت قد وليت محمد بن أبي بكر مصر فخرجت عليه خوارج، وهو غلام حدث السن غر ليس بذي تجربة للحرب ولا مجرب للأشياء، فاقدم علي لننظر في ذلك كما ينبغي واستخلف على عملك أهل الثقة والنصفة من أصحابك والسلام. فأقبل مالك- أعني الأشتر- على علي رضي الله عنه فأخبره بحديث محمد وما جرى عليه، وقال: ليس لها غيرك، فاخرج رحمك الله فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك فاستعن بالله على ما أهمك، واخلط الشدة باللين وارفق ما كان الرفق أبلغ. فخرج الأشتر من عند علي وأتى رحله وتهيأ للخروج إلى مصر، وكتب عيون معاوية إليه بولاية الأشتر على مصر فشق عليه وعظم ذلك لديه، وكان قد طمع في مصر وعلم أن الأشتر متى قدمها كان أشد عليه، فكتب معاوية إلى الخانسيار «١»