وشرع فى إصلاح الأمر «١» . وتوفّى المستنصر فى ذى الحجّة. وفى دولته كان الرّفض والسبّ فاشيا مجهرا، والسنّة والإسلام غريبا! فسبحان الحليم الخبير الذي يفعل فى ملكه ما يريد. وقام بعده ابنه المستعلى أحمد، أقامه أمير الجيوش الأفضل.
واستقامت الأحوال؛ فخرج أخوه نزار من مصر خفية، فسار إلى ناصر الدولة أمير الإسكندرية، فأعانه ودعا إليه، فتمّت بين أمير الجيوش وبينهم حروب وأمور إلى أن ظفر بهم» . انتهى كلام الذهبىّ فى أمر المستنصر.
ونشرع الآن فى ذكر المستنصر وأمر الغلاء بأوسع ممّا ذكره الذهبىّ من أقوال جماعة من المؤرّخين وغيرهم.
قال العلّامة أبو المظفّر فى تاريخه: «ولم يل أحد من الخلفاء الأمويّين ولا العباسيّين ولا المصريّين مثل هذه المدّة (يعنى مدّة إقامة المستنصر فى الخلافة ستّين سنة) قال: وعاش المستنصر سبعا وستّين سنة وخمسة أشهر فى الهزاهز «٢» والشدائد والوباء والغلاء والجلاء والفتن. وكان القحط فى أيّامه سبع سنين مثل سنى يوسف الصدّيق صلوات الله وسلامه عليه، من سنة سبع «٣» وخمسين إلى سنة أربع وستّين وأربعمائة. أقامت البلاد سبع سنين يطلع النيل فيها وينزل، ولا يوجد من يزرع لموت النّاس واختلاف الولاة والرعيّة، فاستولى الخراب على كلّ البلاد، ومات أهلها، وانقطعت السّبل برّا وبحرّا. وكان معظم الغلاء سنة اثنتين وستّين.