للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خصيصا عند القائم بأمر الله العباسىّ، لا يقطع القائم أمرا دونه. فتجبّر وطغى، فجفاه القائم واستنصر عليه بالسلطان طغرلبك السّلجوقىّ حتّى خرج من بغداد على غضب.

وصار يسعى فى زوال الخلافة عن القائم، ولا زال يدبّر عليه حتى فعل تلك الأمور، ودخل بغداد وقاتل الخليفة القائم وقطع خطبته وخطب للمستنصر صاحب الترجمة، وقتل الوزير رئيس الرؤساء المقدّم ذكره- وقد ذكرنا ذلك كلّه فى أوّل ترجمة المستنصر هذا- وملك بغداد ودام بها حتّى ظفره «١» السلطان طغرلبك السّلجوقىّ وقتله شرّ قتلة. وأعاد الخليفة القائم بأمر الله من حديثة «٢» عانة إلى بغداد، وأعيدت الخطبة باسمه، وأبطل طغرلبك اسم المستنصر هذا من بغداد والعراق، ومهّد أمورها (أعنى العراق) حتّى عادت كما كانت عليه، وكان قتله فى آخر السنة.

وفيها توفّى الحسن بن أبى «٣» الفضل الإمام أبو علىّ الشّرمقانىّ «٤» - والشّرمقان:

قرية من قرى نيسابور- كان إماما فاضلا حافظا للقرآن ووجوه القراءات، زاهدا عابدا ورعا سليم الصدر. وكان لا يقبل من أحد، ويقنع بورق الخسّ. فاتفق أنّ ابن العلّاف خرج يوما متوجّها على دجلة «٥» فرأى الشّرمقانىّ هذا يأخذ ما يرمى به أصحاب الخسّ فيأكله، فشقّ عليه ذلك، فحكى أمره للوزير رئيس الرؤساء؛ فقال:

نبعث له شيئا؛ فقال: لا يقبل. فقال الوزير: تحيّل فيه. فقال لغلام له: اذهب إلى مسجد الشّرمقانىّ واعمل لغلقه «٦» مفتاحا من حيث لا يشعر ففعل. فقال: