للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ثمان وتسعين وثلثمائة، وتفقّه ببلده، ثم قدم بغداد وتفقّه أيضا بالصّيمرىّ والقدورىّ، وسمع منهما الحديث، وبرع فى الفقه، وخصّ بالفضل الوافر والتواضع الزائد، وارتفع وشيوخه أحياء، وانتهت إليه رياسة المذهب فى زمانه. وكان فصيح العبارة مليح الإشارة غزير العلم سهل الأخلاق معظّما عند الخلفاء والملوك. ولى قضاء القضاة ببغداد سنة سبع وأربعين، وصار رأس علماء عصره فى كلّ مذهب.

وحسنت سيرته فى القضاء حتّى أقام فيه ثلاثين سنة. ومات ليلة السبت الرابع والعشرين من شهر رجب. وكانت جنازته عظيمة، نزع العلماء طيالستهم ومشوا فيها، وكثر أسف الناس عليه. رحمه الله تعالى.

وفيها توفّى منصور بن دبيس بن علىّ بن مزيد الأمير الرافضىّ أبو كامل بهاء الدولة صاحب الحلّة. مات فيها فى شهر رجب، وكانت ولايته ستّ سنين. وقام بعده ولده سيف الدولة صدقة. قلت: والجميع رافضة، كلّ واحد أنجس من الآخر، عاملهم الله بما يستحقّونه.

وفيها توفّى هبة الله بن عبد الله بن أحمد أبو الحسن السّيبىّ «١» البغدادىّ. سمع الحديث وتفقّه، وكان أديبا شاعرا فصيحا. مات فى المحرّم. ومن شعره:

[المتقارب]

رجوت الثمانين من خالقى ... لما جاء فيها عن المصطفى

فبلّغنيها وشكرا له ... وزاد ثلاثا بها أردفا

وهأنا منتظر وعده ... لينجزه فهو أهل الوفا