وفيها التقى بركياروق مع أخيه محمد شاه، وكان مع محمد شاه خمسة عشر ألفا، ومع بركياروق خمسة وعشرون ألفا؛ فاقتتلوا قتالا شديدا، قتل من الفريقين عدّة كبيرة؛ فانهزم محمد شاه وهرب وزيره مؤيّد الملك بن نظام الملك، فتبعه غلمان بركياروق وأخذوه وجاءوا به إلى بركياروق، فقام وضرب عنقه بيده. ومضى محمد شاه واستجار بأخيه سنجر شاه؛ فأرسل سنجر شاه إلى بركياروق يسأله فيه؛ فقال بركياروق: لا بدّ أن يطأ بساطى. ثم وقع أمور؛ وانتصر سنجر شاه لأخيه محمد شاه، ولا زال حتّى دخل محمد بغداد وخالب له بها، وتوجّه بركياروق إلى واسط.
وفيها أخذ الفرنج جبلة من بلاد الساحل وأرسوف «١» وقيساريّة بالسيف.
وفيها توفّى محمد بن منصور أبو سعد شرف الملك المستوفى الخوارزمىّ. كان جليل القدر فاضلا نبيلا متعصّبا لأصحاب أبى حنيفة- رضى الله عنه- وهو الذي بنى على أبى حنيفة القبّة والمدرسة الكبيرة بباب الطّاق- وقد قدّمنا ذكره فى وفاة أبى حنيفة فى هذا الكتاب- وبنى أيضا مدرسة بمرو، ووقف فيها كتبا نفيسة، وبنى الرّباطات فى المفاوز، وعمل خيرات كثيرة. ثم انقطع فى آخر عمره. وبذل لملكشاه مائة ألف دينار حتى أعفاه من الخدمة. ومات بأصبهان فى جمادى الآخرة.
وفيها قتل أبو المحاسن «٢» وزير بركياروق. كان قد نقم على أبى سعيد «٣» شيئا فقتله؛ فركب بعد ذلك وسار على باب أصبهان، فوثب عليه غلام أبى سعيد الحدّاد فقتله وأخذ بثأر أستاذه. فأمر بركياروق بسلخ الغلام فسلخ وعلّق.