ولما قدم عتبة إلى مصر في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين أقام بها أشهراً ثم خرج منها وافداً على أخيه معاوية بدمشق، واستخلف على مصر عبد الله بن قيس ابن الحارث، وكانت في عبد الله المذكور شدة فكرهه الناس بمصر، فبلغ ذلك عتبة هذا فرجع الى مصر وصعد المنبر وقال: يأهل مصر، قد كنتم تعذرون ببعض المنع منكم لبعض الجور عليكم، وقد وليكم من إن قال فعل، فإن أبيتم درأكم «١» بيده، فإن أبيتم؟؟؟ درأكم بسيفه؛ ثم جاء في الآخر «٢» ما أدرك في الأول، إن البيعة شائعة «٣» ، لنا عليكم السمع والطاعة، ولكم علينا العدل، فأينا غدر فلا ذمة له عند صاحبه؛ فناداه المصريون من جنبات المسجد: سمعاً سمعاً؛ فناداهم عتبة: عدلاً عدلاً. ثم نزل.
فجمع له أخوه معاوية الصلاة والخراج؛ وعقد عتبة هذا لعلقمة بن يزيد على الإسكندرية في اثني عشر ألفاً من آهل الديوان تكون بها مرابطة، ثم خرج إليها عتبة بعد ذلك مرابطاً في ذي القعدة وقيل في ذي الحجة، وهو الأشهر، سنة أربع وأربعين من الهجرة، فمات بها في الشهر المذكور. وتولى مصر بعده عقبة بن عامر الجهني، وكانت ولاية عتبة على مصر سنة واحدة وشهراً واحداً.
*** السنة التي حكم فيها عتبة بن أبي سفيان على مصر وهي سنة ثلاث وأربعين- فيها شتى بسر بن أبي أرطاة بأرض الروم مرابطاً: وفيها فتح عبد الرحمن بن سمرة