قال: نعيت إلىّ نفسى. قلت: ولم؟ قال: لأنّ الشام لا تخلو من شاعر مجيد، ولا يجتمع فيها شاعران، وأنت موازنى فى هذه الصناعة. ثم أعطانى دنانير وكسوة. ومن شعره أيضا قوله فى جواب كتاب:
[البسيط]
وافى كتابك أسنى ما يعود به ... وفد المسّرة منّى إذ يوافينى
فظلت أطويه من شوق وأنشره ... والشوق ينشرنى فيه ويطوينى
وفيها قتل الوزير عثمان بن نظام الملك. كان استوزره السلطان محمود بن محمد شاه السلجوقىّ؛ فبعث عمّه سنجر شاه السلجوقىّ يطلبه. فقال أبو نصر المستوفى:
متى بعثت به حيّا إلى عمّك سنجر شاه لم تأمنه، اقتله وابعث إليه برأسه. فبعث عنبرا الخادم إليه ليقتله. فعرف عثمان وقال: أمهلنى حتّى أصلّى ركعتين؛ فقام وصلّى وقال لعنبر: أرنى «١» سيفك ما أراه إيّاه، سيفى أمضى منه، فلا تقتلنى إلّا به؛ وناوله إيّاه فقتله به. فلمّا كان بعد قليل بعث السلطان محمود إلى أبى نصر المستوفى من فعل به كذلك، وذبحه ذبح الشاة. قلت: الجزاء من جنس العمل.
وفيها توفّى عبد المنعم بن حفاظ «٢» بن أحمد بن خلف المحدّث أبو البركات الأنصارىّ الدمشقىّ، ويعرف بابن البقلىّ. كان جوادا فاضلا، سمع الكثير؛ واستوزره خير خان «٣» بن قراجا صاحب حمص؛ ثم بلغه أنه كاتب طغتكين صاحب دمشق، فقبض عليه وكحله، فرجع إلى دمشق أعمى، فأقام بها حتّى مات.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثمانى أذرع وعشر أصابع.