قال ابن الجوزىّ: ولمّا وعظ قبّله العوامّ. وجلس فى دار السلطان محمود فأعطاه ألف دينار، فلمّا خرج رأى «١» فرس الوزير فى الدهليز بمركب ذهب وقلائد وطوق ذهب، فركبه ومضى. وبلغ الوزير فقال: لا يتبعه أحد ولا يعاذ الفرس.
وفيها توفّى عبد الله «٢» بن القاسم بن المظفّر بن علىّ القاضى أبو محمد المرتضى الشّهرزورىّ والد قاضى القضاة كمال الدين. كان أحد الفضلاء الشّهرزوريّين والعلماء المذكورين، وكان له النظم والنثر. ومن شعره:
[الطويل]
وبانوا فكم دمع من الأسر أطلقوا ... نجيعا وكم قلب أعادوا إلى الأسر
فلا تنكروا خلعى عذارى تأسّفا ... عليهم فقد أوضحت عندكم عدرى
وفيها توفّى محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيّوب الشيخ الإمام الفقيه الصوفىّ المالكىّ أبو بكر الطّرطوشنىّ «٣» الاندلسىّ العالم المشهور نزيل الإسكندرية- وطرطوشة آخر بلاد المسلمين من الأندلس، وقد عادت الآن للفرنج- وكان يعرف بابن أبى رندقة. حجّ ودخل العراق وسمع الكثير، وكان عالما زاهدا ورعا ديّنا متواضعا متقشّفا متقلّلا من الدنيا راضيا باليسير. وقال ابن خلّكان: إنّه دخل على الأفضل بن أمير الجيوش بمصر فبسط تحته مئزره، وكان إلى جانب الأفضل نصرانىّ، فوعظ الأفضل حتى أبكاه، ثم أنشد: