بعد دثوره، وأعززت به الإسلام بأن جعلته سببا لظهوره؛ مولانا وسيّدنا إمام العصر والزمان، أبا الميمون عبد المجيد الحافظ لدين الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى آبائه الطاهرين، حجج الله على العالمين» . ولمّا قتل الوزير أبو علىّ أحمد المذكور- على ما يأتى ذكره- وزر للحافظ جماعة، فأساءوا التدبير، منهم أبو الفتح يانس أمير الجيوش ومات، فوزر له ابنه الحسن، ثم وزر له بهرام، ثم تولّى الحافظ الأمر بنفسه إلى أن مات.
وكان أمره مع الوزير أبى علىّ أحمد بن الأفضل أنّه لمّا قتل الخليفة الآمر كان الحافظ هذا محبوسا، فأخرجوه وأشغلوا الوقت به إلى أن يولد حمل الآمر، فإن كان صبيّا يلى الخلافة ويحلع الحافظ. وتولّى أحمد المذكور الوزارة وجعلوا الأمور إليه، وليس للحافظ إلّا مجرّد الاسم فى الخلافة. وكان الوزير المذكور شهما شجاعا عالى الهمة كابيه الأفضل وجدّه بدر الجمالى السابق ذكرهما، فاستولى على الديار المصريّة. وولدت الحامل بنتا، فاستمرّ الحافظ فى الخلافة تحت الحجر، وصار الأمر كلّه للوزير؛ فضيّق على الحافظ وحجر عليه ومنعه من الظهور وأودعه فى خزانة لا يدخل إليه أحد إلّا بأمر الأكمل (أعنى الوزير المذكور) فإنّه كان لقّب بالأكمل فى أيام وزارته. وطلع الوزير إلى القصر وأخذ جميع ما فيه، وقال: هذا كله مال أبى وجدّى؛ ثم أهمل خلفاء بنى عبيد والدعاء لهم، فإنّه كان سنيّا كأبيه، وأظهر التمسّك بالإمام المنتظر فى آخر الزمان، فجعل الدعاء فى الخطبة له، وغيّر قواعد الرافضة.
فأبغضه الأمراء والدعاة؛ لأنّ غالبهم كان رافضيّا بل الجميع. ثم أمر الوزير الخطباء بأن يدعو له بألقاب اختصّها لنفسه. فلمّا كرهه الشيعة المصريّون صمّموا على قتله.
فخرج فى العشرين من المحرّم إلى لعب الكرة، فكمن له جماعة وحمل عليه مملوك إفرنجى