عظيما، عفو مولانا أوسع منه. فقال له: قل ما تريد غير هذا، فإنّا غير مؤاخذيك به.
فقال: يا مولانا، قد توهّمت بل تحقّقت أنّى ماض فى حالة السخط منك، وقد آليت على نفسى أن أبذلها فى الجهاد، فلعلّى أموت شهيدا فيضيع ذلك سخط مولانا علىّ.
فقال له الخليفة: أنت غنىّ عن هذا الكلام، وقد قلنا لك: إنّا ما آخذناك «١» ، فأىّ شىء تقصد؟ قال: لا يسيّرنى مولانا تبغا لغيرى، فقد سرت مرارا كثيرة مقدّما، وأخشى أن يظنّ هذا التأخير للذنب الذي أنا معترف به. قال: لا، بل مقدّما وصاحب الخريطة. وأمر بنقل الحال عن المقدّم الذي كان تقرّر للتقدّمة والخريطة.
فسّر جلال الدين جلب راغب بذلك. ثم أعطاه الخليفة أيضا مائتى دينار، وقال له: اتّسع بهذه.
قال: وكان الأغلب على أخلاق الحافظ الحلم. ومرض الخليفة مرضته التى توفّى فيها، فحمل إلى اللؤلؤة «٢» خارج القصر فأثخن فى المرض فمات بها. وظهر من وصيّته أنّ ولده أبا منصور إسماعيل، وهو أصغر أولاده، هو الخليفة من بعده، مع وجود ولدين كاملين، هما أبو الحجّاج يوسف وهو أبو الخليفة العاضد الآتى ذكره، وأبو الأمانة جبريل. فعقدت عليه الخلافة من بعده، ونعت بالظافر بأمر الله، وأن يستوزر له الأمير نجم «٣» الدين بن مصال» . انتهى كلام صاحب المقلتين.
وقال ابن القلانسىّ: «وفى سنة أربع وأربعين وخمسمائة ورد الخبر من مصر بوفاة الحافظ بأمر الله، وولى الوزارة أمير الجيوش أبو الفتح بن مصال المغربىّ؛ فأحسن السيرة وأجمل السياسة، فاستقامت الأحوال. ثم حدث بعد ذلك من