فيها خلع الخليفة الراشد بالله أبو جعفر منصور بن المسترشد المقدّم ذكره، لأمور وقعت بينه وبين السلطان سنجر شاه وابن أخيه السلطان مسعود وقطع خطبته. وكاتب الخليفة زنكى بن آق سنقر وأطمعه فى الملك، وقال: يكون السلطان ألب أرسلان بن محمود بن محمد شاه بن ملكشاه، وأنت تكون أتابكه؛ فكان هذا أوّل سبب الفتنة، وخرج الخليفة من بغداد، ووقع له أمور آلت إلى خلعه.
قال صدقة الحدّاد الحنبلىّ فى تاريخه: إن الوزير أبا القاسم بن طرّاد صدّر محضرا على الراشد فيه أنواع من الكبائر ارتكبها من الفسق والفجور ونكاح أمّهات أولاد أبيه وأخذ أموال الناس وسفك الدماء، وأنّه فعل أشياء لا يجوز أن يكون معها إماما. فتوقّف الشهود؛ فهدّدهم ابن طرّاد وقال: علمتم صحّة هذا، فما المانع من إقامة الشهادة! فشهدوا. وكان السلطان مسعود قد جمع القضاة والشهود والأعيان وأخرج لهم نسخة يمين كانت بينه وبين الراشد، أخذها عليه بخطّه:«متى حشدت «١» أو حاذيت وجذبت سيفا فى وجه مسعود فقد خلعت نفسى من هذا الأمر» ، وفيها خطوط القضاة والشهود بذلك. فحكم القضاة حينئذ بخلعه؛ فخلع فى يوم الاثنين ثامن عشر ذى القعدة. وولّوا المقتفى محمد ابن المستظهر أخ المسترشد عمّ الراشد هذا، وحبس الراشد إلى أن مات، حسب ما يأتى ذكره إن شاء الله فى محله.
وفيها توفّى القاسم بن عبد الله بن القاسم القاضى شمس الدين الشّهرزورىّ أخو القاضى كمال الدّين الشهرزورىّ، ولى قضاء الموصل، وكان يعظ وله قبول حسن، وللناس فيه اعتقاد.