وولّاه حلب والحمص؟؟؟ وغيرهما. ولمّا مات ملك بعده ابنه زنكى جميع هذه البلاد، وزاد مملكته حتّى ملك الشام من محمد بن بورى بن طغتكين بعد حروب. ثم استولى زنكى هذا على الشام جميعه، وأقام على ذلك سنين، إلى أن توجّه إلى قلعة جعبر «١» ، فقاتل صاحبها شهاب الدين سالم بن مالك العقيلىّ ونصب عليها المجانيق حتى لم يبق إلّا أخذها. فلمّا كان ليلة الثلاثاء سابع عشر شهر ربيع الآخر اتّفق ثلاثة من خدّامه على قتله فذبحوه على فراشه وهربوا إلى القلعة وعرّفوا من بها. وكان مع زنكى أولاده الثلاثة: سيف الدين غازى، ونور الدين محمود المعروف بالشهيد، وقطب الدين مودود. فملك بعده ابنه نور الدين محمود الشهيد، وسار غازى إلى الموصل.
قلت: وبنو زنكى هؤلاء هم أوسط الدول؛ فإن أوّل من ملك مع الخلفاء وتلقّب بالسلطان والألقاب العظيمة بنو بويه، ثم أنشأ بنو بويه بنى سلجوق.
وأنشأ بنو سلجوق بنى أرتق وآق سنقر جدّ بنى زنكى هؤلاء. ثم أنشأ بنو زنكى (أعنى الملك العادل نور الدين محمود الشهيد) بنى أيّوب سلاطين مصر وغيرها.
ثم أنشأ بنو أيوب المماليك ودولة الترك. وأوّل ملوكهم الملك المعزّ أيبك التركمانىّ.
فانظر إلى أمر الدنيا وكيف كلّ طائفة نعمة طائفة ونشؤها إلى يومنا هذا.
وفيها توفّى الأمير عبّاس شحنة مدينة الرّىّ. كان أميرا شجاعا مقداما جوادا يباشر الحروب بنفسه.
وفيها توفّى عبد الرحيم بن المحسّن بن عبد الباقى الشيخ أبو محمد التّنوخىّ. كان شاعرا فصيحا، مات بميّافارقين.