قال:«وفرّق صلاح الدين الأموال التى أخذها من القصر فى العساكر، وباع بعض الجوارى والعبيد، وأعطى للقاضى الفاضل من الكتب ما أراد، وبعث إلى نور الدين بعمامة القائم وطيلسانه وهدايا وتحف وطيب ومائة ألف دينار. وكان نور الدين بحلب فلمّا حضرت بين يديه قال: والله ما كان لى حاجة إلى هذا، ما وصل إلينا عشر معشار ما أنفقناه على العساكر التى جهّزناها إلى مصر، وما قصدنا بفتحها إلّا فتح الساحل، [وقلع الكفّار منه «١» ] . وانقضت أيام الخلفاء المصرييّن بوفاة العاضد، وعدّتهم أربعة عشر على عدد بنى أمية، إلّا أنّ أيّامهم طالت فملكوا مائتين وثمانى سنين، وبنو أمية ملكوا نيّفا وتسعين سنة. قال: وأوّل المصرييّن عبيد الله الملقّب بالمهدىّ» .
قلت: ليس هو كما قال: إنّ عبيد الله أوّل خلفاء المصرييّن، وإنما أوّلهم المعزّ لدين الله معدّ. نعم إن كان قصد بأن يكون أوّلهم ممّن دعى له على المنابر بالمغرب وأطلق عليه اسم الخليفة فيكون، وأمّا أنّه ملك مصر فلا. ويأتى بيان ذلك.
وقد تقدّم أيضا فى ترجمة المعزّ وغيره.
قال أبو المظفّر:«قال ابن عبد البرّ: هو عبيد الله بن محمد بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق- عليه السلام-. والثانى ابنه أبو القاسم محمد ويلقّب بالقائم بأمر الله، والثالث ابنه إسماعيل ويلقّب بالمنصور، والرابع ابنه معدّ ويلقّب بالمعزّ لدين الله» .
- قلت: وهذا المعز هو الذي تقدّم ذكره أنّه أوّل من ولى مصر من بنى عبيد، وبنى له جوهر القائد القاهرة، وهو أوّل خليفة سكن مصر من بنى عبيد؛ ولهذا