حارم «١» وهو خال صلاح الدين، وجماعة أخر؛ فبادر العاضد واستدعى صلاح الدين وخلع عليه فى الإيوان خلعة الوزارة وكتب عهده ولقّبه الملك الناصر. وقيل:
الذي لقّبه بالملك الناصر إنّما هو الخليفة المستضىء العباسىّ بعد ذلك.
ولمّا ولى الوزارة شرع الفقيه عيسى فى تفريق البعض عن بعض، وأصلح الأمور لصلاح الدين، على ما يأتى فى ترجمة صلاح الدين بعد ذلك. وبذل صلاح الدين الأموال وأحسن لجميع العسكر الشامىّ والمصرىّ فأحبّوه وأطاعوه، وأقام نائبا عن نور الدين، يدعى لنور الدين على منابر مصر بعد الخليفة العاضد، ولصلاح الدين بعدهما. واستمرّ صلاح الدين على ذلك والخطبة للعاضد، وقد ضعف أمره وقوى أمر صلاح الدين، حتّى كانت أوّل سنة سبع وستين وخمسمائة، فكتب إليه الملك العادل نور الدين محمود يأمره بقطع الخطبة لبنى عبيد، وأن يخطب بمصر لبنى العبّاس. فخاف صلاح الدين من أهل مصر ألّا يجيبوه ولم يسعه مخالفة أمر نور الدين، وقال: ربّما وقعت فتنة لا تتدارك؛ فكتب الجواب إلى نور الدين يخبره بذلك، فلم يسمع منه نور الدين وخشّن عليه فى القول، وألزمه إلزاما لا محيد عنه.
ومرض العاضد، فجمع صلاح الدين الأمراء والأعيان واستشارهم فى أمر نور الدين بقطع الخطبة للعاضد والدعاء لبنى العبّاس، فمنهم من أجاب ومنهم من امتنع؛ وقالوا: هذا باب فتنة وما يفوت ذلك، والجميع أمراء نور الدين، فعاودوا نور الدين فلم يلتفت وأرسل إلى صلاح الدين يستحثّه فى ذلك؛ فأقامها والعاضد مريض. واختلفوا فى الخطيب فقيل: إنّه رجل من الأعاجم يسمّى الأمير العالم، وقيل: هو رجل من أهل بعلبكّ يقال له محمد بن المحسّن بن أبى المضاء «٢» البعلبكّىّ