وهى أطول من ذلك. وصفا الوقت لصلاح الدين وسمى السلطان، وصار يخطب باسمه على منابر مصر بعد الخليفة العبّاسىّ والملك العادل نور الدين محمود.
وكان ابتداء مرض العاضد من أواخر ذى الحجة سنة ست وستين وخمسمائة. فلمّا كان رابع المحرّم سنة سبع وستين جلس العاضد فى قصره بعد الإرجاف بأنّه أثخن فى مرضه، فشوهد وهو على ما حقّق الإرجاف من ضعف القوى وتخاذل الأعضاء وظهور الحمّى. وقيل: إنّ الحمّى فشت بأعضائه، وأمسك طبيبه المعروف بابن السديد «١» عن الحضور إليه، وامتنع من مداواته وخدله، مساعدة عليه للزمان وميلا مع الأيام. ثم خطب فى سابع المحرّم باسم الخليفة المستضىء بالله العبّاسىّ وصرّح باسمه ولقبه وكنيته بمصر، حسب ما تقدم ذكره. فمات العاضد بعد ذلك بثلاثة أيام فى يوم الاثنين يوم عاشوراء. وكان لموته بمصر يوم عظيم إلى الغاية، وعظم مصابه على المصريّين إلى الغاية، ووجدوا عليه وجدا عظيما لا سيّما الرافضة؛ فإنّ نفوسهم كادت تزهق حزنا لانقضاء دولة الرافضة من ديار مصر وأعمالها. وقد تقدّم التعريف بأحوال العاضد فى أوّل ترجمته من عدة أقوال، فلا حاجة لتكرار ذلك فى هذا المحل.