وفيها توفّى أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ أبو طاهر السّلفىّ «١» الأصبهانىّ، ولد سنة سبعين وأربعمائة، وكان طاف الدنيا ولقى المشايخ، وكان يمشى حافيا لطلب العلم والحديث، وقدم دمشق وغيرها، وسمع بعدّة بلاد، ثم دخل مصر وسمع بها، واستوطن الإسكندريّة حتى مات بها فى يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر، ودفن داخل الإسكندرية وقد جاوز المائة بخمس سنين. ومن شعره فى معنى كبر سنّه:
أنا إن بان شبابى ومضى ... فلربّى الحمد ذهنى حاضر
ولئن خفّت وجفّت أعظمى ... كبرا غصن علومى ناضر
وفيها توفّى الملك المعظّم فخر الدين شمس الدولة توران شاه بن أيّوب أخو السلطان صلاح الدين صاحب الترجمة لأبيه. كان أكبر من صلاح الدين فى السنّ، وكان يرى فى نفسه أنّه أحقّ بالملك من صلاح الدين يوسف المذكور، وكان تبدو منه كلمات فى سكره فى حقّ صلاح الدين، ويبلغ صلاح الدين، فأبعده وبعثه إلى اليمن، فسفك الدماء وقتل الأمائل وأخذ الأموال. ولم يطب له اليمن فعاد إلى الشام على مضض من صلاح الدين، فأعطاه بعلبكّ فبلغه عنه أشياء فأبعده إلى الإسكندريّة، فتوجّه إليها وأقام بها معتكفا على اللهو، ولم يحضر حروب أخيه صلاح الدين ولا غزواته؛ ومات بالإسكندريّة، فأرسلت أخته شقيقته ستّ الشام، فحملته فى تابوت إلى دمشق فدفنته فى تربتها التى أنشأتها بدمشق. وكان توران شاه المذكور جوادا ممدّحا حسن الأخلاق؛ إلّا أنّه كان أسوأ بنى أيّوب سيرة وأقبحهم طريقة.