المستضىء سنة سبعين وخمسمائة؛ ثم أقرّه الناصر لدين الله تعالى إلى أن توفّى ببغداد فى ذى القعدة ودفن بالشّونيزيّة عند جدّه لأمّه أبى الفتح الشاوى «١» . وكان إماما فقيها عالما نزها عفيفا معدودا من كبار فقهاء السادة الحنفية- رحمه الله تعالى-.
وفيها توفّى محمد بن عبد الملك «٢» بن المقدّم الأمير شمس الدين، كان من أكابر أمراء الملك العادل نور الدين، ثم صلاح الدين يوسف بن أيّوب. وله المواقف المشهودة، وحضر جميع فتوحات السلطان صلاح الدين، ثم إنّه استأذن صلاح الدين فى الحجّ فأذن له على كره من مفارقته؛ فلمّا وصل إلى عرفات أراد أن يرفع علم صلاح الدين ويضرب الطّبل، فمنعه طاشتكين وقال: لا يرفع هنا سوى علم الخليفة.
فقال ابن المقدّم هذا: والسلطان مملوك الخليفة. فمنعه طاشتكين، فأمر ابن المقدّم غلمانه فرفع العلم فنكّسوه، فركب ابن المقدّم ومن معه، وركب طاشتكين له، واقتتلوا فقتل من الفريقين، ورمى مملوك طاشتكين ابن المقدّم بسهم فوقع فى عينه فخرّ صريعا، وجاء طاشتكين وحمله إلى خيمته فتوفّى فى يوم الخميس يوم النحر ودفن بالمعلى. ثم أرسل الخليفة يعتذر لصلاح الدين أنّ ابن المقدّم كان الباغى، فلم يقبل صلاح الدين، وقال: أنا الجواب عن الكتاب. ولولا اشتغاله بالجهاد لكان له وللخليفة شأن.
وفيها توفّى محمد بن عبيد الله الأديب أبو الفتح البغدادىّ، المعروف بسبط [ابن] التّعاويذىّ. الشاعر المشهور. وله ديوان شعر كبير، الموجود غالبه فى المديح.