للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسديّة- نحكى ذلك كلّه فى أوّل ترجمة الملك المنصور بن العزيز هذا، إن شاء الله-

وكان الملك العزيز قوّيّا ذا بطش وخفّة حركة، كريما محسنا «١» عفيفا لم يردّ سائلا؛ وبلغ من كرمه أنّه لم يبق له خزانة ولا خاصّ ولا ترك ولا فرش. وأمّا عفته فإنّه كان له غلام تركىّ اشتراه بألف دينار يقال له: أبو شامة، فوقف يوما على رأسه فى خلوة ليس معهما ثالث، فنظر العزيز إلى جماله، وأمره أن ينزع ثيابه، وقعد العزيز منه مكان الفاحشة؛ فأدركه التوفيق ونهض مسرعا إلى بعض سراريه فقضى وطره، وخرج إلى الغلام وأمره بالخروج عنه» . انتهى.

ويحكى عن عفّته عن الأموال: أنّ عرب المحلّة قتلوا بعض أمرائه، وكان والى المحلة ابن بهرام، فجباهم عشرة آلاف دينار، وجاء بها إلى القاهرة؛ فصادف فى الدّهليز غلاما خارجا من عند السلطان؛ فقال ابن بهرام: ارجع إلى السلطان واستأذنه لى؛ فقال الغلام: دعنى، أنا فى أمر مهمّ للسلطان، قد وهب لشيخ صيّاد دينارين، وقد سيّرنى إلى الجهات كلّها فلم أجد فيها شيئا، وقد تعذّر عليه هذا المبلغ اليسير؛ فقال: ارجع إليه، معى مال عظيم. فلمّا دخل ابن بهرام إلى العزيز فضّ المال بين يديه وقال: هذا دية فلان؛ فقال: أخذتها من القاتل؟ قال: لا، بل من القبيلة؛ فقال العزيز: لا أستجيز أخذه، ردّه على أربابه، فراجعه فاكفهرّ؛ فخرج ابن بهرام بالمال وهو يقول: ما يردّ هذا مع شدّة الحاجة إلّا مجنون!. فرحم الله هذه الشّيم.

انتهت ترجمة الملك العزيز من عدّة أقوال. رحمه الله تعالى وعفا عنه وعن جميع المسلمين والحمد لله رب العالمين.