وفيها توفى زنكى بن مودود بن زنكى بن آق سنقر عماد الدين صاحب سنجار، وابن أخى نور الدين الشهيد. كان عاقلا جوادا لم يزل مع السلطان صلاح الدين؛ وكان السلطان صلاح الدين يحترمه مثل ما كان يحترم نور الدين، ويعطيه الأموال والهدايا، وكانت وفاته بسنجار. ولمّا احتضر أوصى إلى أكبر أولاده قطب الدين محمد، ولقّب بالملك المنصور.
وفيها توفّى قيماز بن عبد الله مجاهد الدين الخادم الرومىّ الحاكم على الموصل، وهو الذي بنى الجامع المجاهدىّ والمدرسة والرّباط والبيمارستان بظاهر الموصل على دجلة ووقف عليها الأوقاف. وكان عليه رواتب بحيث إنّه لم يدع [بالموصل «١» بيت] فقير إلّا أغنى أهله، وكان ديّنا صالحا عابدا عادلا كريما، يتصدّق كلّ يوم خارجا عن الرواتب بمائة دينار. ولمّا مات عزّ الدّين مسعود «٢» وولى ابنه أرسلان «٣» شاه حبس قيماز هذا وضيّق عليه وآذاه إلى أن مات فى حبسه.
وفيها توفّى يحيى بن سعيد بن هبة الله العلّامة أبو طالب قوام الدّين الشّيبانىّ المنشئ الكاتب الواسطىّ الأصل، البغدادىّ المولد والدار والوفاة. مولده فى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. واشتغل بالأدب وبرع فى الإنشاء وفنون من العلوم كالفقه وعلم الكلام والأصول والحساب والشعر، وجالس أبا منصور بن الجواليقىّ وقرأ عليه، وسمع أبا القاسم بن الصائغ وغيره؛ وولى للخليفة عدّة خدم: حجبة الباب، ثم الأستادارية، ثم كتابة الإنشاء آخر عمره ومات فى ذى الحجّة. ومن شعره- وأحسن فيما قال-: