للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبا المظفر يوسف ابن الملك الكامل محمد الآتى ذكره. وكان ولده الملك الأوحد نجم الدين أيّوب ينوب عنه فى ميّافارقين وتلك النواحى، فاستولى «١» على مدينة خلاط و [بلاد «٢» ] أرمينية، واتّسعت مملكته، وذلك فى سنة أربع وستمائة.

ولمّا تمهدت له البلاد قسمها بين أولاده، فأعطى الملك الكامل محمدا الديار المصريّة، وأعطى الملك المعظّم عيسى البلاد الشاميّة، وأعطى الملك الأشرف موسى البلاد الشرقية، والأوحد فى المواضع التى ذكرناها. وكان ملكا عظيما ذا رأى ومعرفة تأمّة قد حنّكته التجارب، حسن السّيرة جميل الطويّة وافر العقل، حازما فى الأمور صالحا محافظا على الصلوات فى أوقاتها، متتبّعا لأرباب السّنّة مائلا إلى العلماء.

صنّف له فخر الدين «٣» الرازىّ «كتاب تأسيس التقديس» ، وذكر اسمه فى خطبته، وسيره إليه من بلاد خراسان. وبالجملة فإنّه كان رجلا مسعودا، ومن سعادته أنّه كان خلّف أولادا لم يخلّف أحد من الملوك أمثالهم؛ فى نجابتهم [وبسالتهم «٤» ] ومعرفتهم وعلوّ همّتهم، ودان لهم العباد وملكوا البلاد. ولمّا مدحه ابن عنين «٥» بقصيدته الرائية ذكر منها فى مديح أولاده المذكورين، فقال:

وله البنون بكلّ أرض منهم ... ملك يقود إلى الأعادى عسكرا

من كلّ وضّاح الجبين تخاله ... بدرا وإن شهد الوغى فغضنفرا