ثم دخلنا عليه وهو فى خركاة عظيمة من ذهب؛ وعليها سجاف مرصّع بالجواهر.
وهو صبىّ له شعرات قاعد على تخت ساذج وعليه قباء بخارىّ يساوى خمسة دراهم، وعلى رأسه قطعة من جلد تساوى درهما، فسلّمت عليه فلم يردّ، ولا أمرنى بالجلوس؛ فشرعت فخطبت خطبة بليغة، ذكرت فيها فضل بنى العبّاس ووصفت الخليفة بالزّهد والورع والتّقى والدين؛ والتّرجمان يعيد عليه قولى. [فلمّا فرغت «١» ] قال للترجمان: قل له هذا الذي وصفته ما هو فى بغداد؟.: قلت: نعم. قال [أنا «٢» ] أجىء وأقيم خليفة يكون بهذه الأوصاف. ثم ردّنا بغير جواب. فنزل الثّلج عليهم فهلكت دوابّهم وركب خوارزم شاه يوما فعثر به فرسه فتطيّر، ووقع الفساد فى عسكره وقلّت الميرة. وكان معه سبعون ألفا من الخطا فردّه الله ونكب تلك النكبة العظيمة» . وسنذكرها- إن شاء الله تعالى- فى محلّها.
وفيها توفّى إبراهيم [بن «٣» عبد الواحد] بن علىّ بن سرور الشيخ العماد المقدسىّ الزاهد القدوة الحنبلىّ أخو الحافظ عبد الغنى، ولد بجمّاعيل فى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، فهو أصغر من الحافظ عبد الغنى «٤» بسنتين وسمع الكثير، وكان إماما حافظا عالما محدّثا زاهدا عابدا فقيها. مات فجأة فى ليلة الأربعاء سادس عشر ذى القعدة.
وفيها توفّى عبد الصمد بن محمد بن أبى الفضل بن علىّ بن عبد الواحد أبو القاسم القاضى جمال الدين الحرستانىّ «٥» الأنصارىّ شيخ القضاة. ولد بدمشق فى سنة عشرين وخمسمائة، ورحل وسمع الحديث وتفقّه، وكان إماما عفيفا خطيبا ديّنا صالحا. له حكايات مع الملك المعظّم عيسى فى أحكامه- رحمه الله تعالى-.