ووقف غير ذلك من الوقوف على أنواع من أعمال البر بمصر وغيرها. وله المواقف المشهودة فى الجهاد بدمياط المدّة الطويلة، وأنفق الأموال الكثيرة، وكافح العدوّ المخذول برّا وبحرا ليلا ونهارا. يعرف ذلك من مشاهده. ولم يزل على ذلك حتّى أعزّ الله الإسلام وأهله، وخذل الكفر وأهله. وكان معظّما للسّنّة النبويّة وأهلها، راغبا فى نشرها والتمسّك بها، مؤثّرا الاجتماع مع العلماء والكلام معهم حضرا وسفرا.
انتهى كلام المنذرى باختصار.
وقال القاضى شمس الدين ابن خلّكان فى تاريخه بعد ما ساق نسبه وذكره نحوا ممّا ذكرناه حتّى قال:«ولمّا وصل الفرنج إلى دمياط كما تقدّم ذكره، كان الملك الكامل فى مبدأ استقلاله بالسلطنة، وكان عنده جماعة كثيرة من أكابر الأمراء:
منهم: عماد الدين أحمد بن المشطوب، فاتّفقوا مع أخيه الملك الفائز سابق الدين إبراهيم ابن الملك العادل، وانضموا إليه، فظهر للملك الكامل منهم أمور تدلّ على أنّهم عازمون على تفويض الملك إليه وخلع الكامل، واشتهر ذلك بين الناس؛ وكان الملك الكامل يداريهم لكونه فى قبالة العدوّ ولا يمكنه المقاهرة «١» ، وطوّل روحه معهم، ولم يزل على ذلك حتّى وصل إليه أخوه الملك المعظّم عيسى صاحب دمشق يوم الخميس تاسع عشر ذى القعدة من سنة خمس عشرة وستمائة، فأطلعه الكامل فى الباطن على صورة الحال، وأنّ رأس هذه الطائفة ابن المشطوب، فجاءه يوما على غفلة فى خيمته واستدعاه فخرج إليه، فقال [له «٢» ] : أريد أن أتحدّث [معك «٣» ] سرّا فى خلوة، فركب فرسه (يعنى [ابن] المشطوب) . وسار معه جريدة، وقد جرّد المعظّم جماعة ممّن يعتمد عليهم ويثق إليهم، وقال لهم: اتّبعونا، ولم يزل المعظّم يشغله