عظيمة، وقدّم له التّحف والجواهر «١» وتحالفا واتّفقا على ما أرادا، ثم عاد المعظّم إلى أخيه الأشرف. وجاء خبر دمياط. وكان المعظّم أحرص الناس على خلاص دمياط والغزاة، وكان مصافيا لأخيه الكامل، وكان الأشرف مقصّرا فى حقّ الكامل مباينا له فى الباطن؛ فلمّا اجتمعت العساكر على حرّان قطع بهم المعظّم الفرات، وسار الأشرف فى آثاره، ونزل المعظّم حمص والأشرف سلمية. قال: وكنت قد خرجت من دمشق إلى حمص لطلب الغزاة، فإنّهم كانوا «٢» على عزم الدخول إلى طرابلس، فاجتمعت بالمعظّم فى شهر ربيع الآخر فقال لى: قد سحبت الأشرف إلى هاهنا وهو كاره، وكلّ يوم أعتبه فى تأخّره وهو يكاسر «٣» وأخاف من الفرنج أن يستولوا على مصر، وهو صديقك؛ وأشتهى أن تقوم تروح إليه فقد سألنى عنك [مرارا «٤» ] ؛ ثم كتب إلى [أخيه «٥» ] كتابا بخطّه نحو ثمانين سطرا، فأخذته ومضيت إلى سلمية؛ وبلغ الأشرف وصولى فخرج من الخيمة وتلقّانى وعاتبنى على انقطاعى، [عنه «٦» ] وجرى بينى وبينه فصول؛ وقلت له: المسلمون فى ضائقة، وإذا أخذ الفرنج الديار المصريّة ملكوا إلى حضرموت، وعفّوا آثار مكّة والمدينة والشام [وأنت «٧» تلعب] ، قم الساعة وارحل؛ فقال: ارموا الخيام [والدهليز «٨» ] ، وسبقته إلى حمص فتلقّانى المعظّم؛ وقال: ما نمت البارحة ولا أكلت اليوم شيئا، فقلت: غدا يصبّح أخوك الأشرف حمص.
فلمّا كان من الغد أقبلت الأطلاب «٩» وجاء طلب الأشرف، والله ما رأيت أجمل منه ولا أحسن رجالا ولا أكمل عدّة، وسرّ المعظّم سرورا عظيما؛ وجلسوا تلك الليلة